القانون ضرورة اجتماعية لرسم الحقوق والواجبات

لم يعد العقل البشري يصدق خرافة الإنسان المنعزل عن سائر الناس. فالإنسان، لا يكتسب صفته الآدمية إلا في مجتمع، فيه خلق ونشأ، وفيه كتب عليه أن يعيش، وهو في معيشته في الجماعة لا مناص له من أن يندفع بغريزته إلى السعي للمحافظة على كيانه وتلبية حاجاته المختلفة، ولكنه لا يمكنه أن يشبع رغباته اعتماداً على مجهوده الشخصي وحده.

فهو بحاجة إلى التعاون مع غيره من أفراد الجماعة لكي يتمكن الجميع من تلبية حاجاتهم المختلفة. ونتيجةً للحياة المشتركة في الجماعة تنشأ بين أفرادها علاقات مختلفة، وتقوم بالتالي بينهم مشاكل متعددة، فالإنسان في تعامله مع غيره من أبناء جنسه قد تدفعه أثرة جامحة أو تغريه قوة طائشة، فيفتأت على ممتلكات الغير. ومن يدري فلعل هذا الغير يبادله أثرة بأثرة وقوة بقوة، فيضطرب المجتمع وتعمّ بداخله الفوضى.

لذلك كان لا بد من أن يرسم المجتمع لكل شخصٍ حدوداً تبين ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وقد تم رسم هذه الحدود نتيجة خبرة أجيال طويلة، وتعاونت في رسمها عوامل متعددة دينية وأخلاقية.... وقانونية.

على أن العوامل القانونية هي أكثر هذه العوامل قدرة على تحديد سلوك الأفراد لما يتوافر فيها من عنصر الإلزام، فإن التزم الإنسان قواعدها طواعيةً كان بها، وإلا أجبر على احترامها. وإذن فالرغبة في إلزام الناس بمراعاة سلوك معين هي علة نشوء القانون.

وهكذا يتضح أن القانون ظاهرة اجتماعية لا بد منها، بمعنى أنه إذا لم يوجد مجتمع فلن يكون للقانون وجود، ولن يكون له معنى ولا فائدة، إما إذا كان هناك مجتمع فإنه لا بد من وجود القانون، ولا يهم بعد ذلك شكل الحكم في المجتمع؛ فسواء كان ديمقراطياً أو ديكتاتورياً لزم أن تنتظم سلوك الأفراد فيه مجموعة قواعد، تبين ما هو المحظور وما هو المباح، وما هو الأمر الملزم وما هو ليس كذلك، وما هي وسائل إجبار الأفراد على عدم إتيان المحظور... وهذا كله من صميم هدف القانون.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال