الهجرة من الجزائر إلى فرنسا وتكوين مجتمعات وجاليات شبه مستقرة صارت جزءاً من الحياة الاجتماعية في فرنسا

يرى الناظر أن حركة الهجرة قبل عام 1946م كانت نتيجةً للضغط والقيود. يُرحَبُ بالمهاجرين فيأتون سراعاً، ثم يشتدُّ عليهم الضغط والتضييق فيعودون إلى بلدهم سراعاً. وكانت أسباب الضغط والتضييق منوّعةً: إدارية واقتصادية وسياسية.
وبعد عام 1946م انتظم المهاجرون في تركيب اجتماعي متكامل وأصبحوا جالية شبه مستقرة؛ فيهم الزوجات والأولاد والجدّات. وصار المهاجرون ثقيلي الحركة عاجزين عن العودة بسهولة إلى بلادهم، لهم جذورٌ عميقة ضاربة في أرض الهجرة، فإذا أصابهم ضيمٌ أو وقع عليهم تضييق لم يجدوا في شدّ الرحال والعودة إلى بلادهم الحلَّ المقبولَ، وسلكوا للمقاومة مسالكَ أخرى.
ومنذ تكاملت بنية الطبقة المهاجرة صار ازدياد عدد المهاجرين تابعاًً لعدد الوافدين الجدد من الجزائر إلى فرنسا من جهة، ولعدد أبناء المهاجرين وبناتهم الذين ولدوا في فرنسا من جهة أخرى. فمن عام 1961م إلى عام 1967م كان عدد الوافدين من الجزائر في كل سنة يعادل ثمانية أضعاف الأبناء المولودين في فرنسا. أما في الأعوام 1967م إلى عام 1972م فإن الولادات الجزائرية في فرنسا بلغت (40%) من زيادة عدد الجزائريين المهاجرين كل عام. وهذا يعني أن الهجرة بين أفريقيا الشمالية وفرنسا لم تعد مقصورة على موجات من المهاجرين تزداد وتتقلص حسب الظروف والمناسبات، بل كوّنتْ مجتمعاتٍ وجاليات شبه مستقرة وصارت جزءاً من الحياة الاجتماعية في فرنسا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال