التربية المتميزة في اليابان.. الفصل بين المعتقد والفكرة والثقافة والأخلاق والسلوك وبين المادة العلمية الحضارية

إن الخط الواضح الذي سارت عليه اليابان منذ خروجها من الحرب هو خط التميز، وتمثل هذا التميز باستمساكها بعقيدة وفكر خاصين هما المعتقد البوذي.

ولعل كرهها الوجداني للغرب بسبب دمار الحرب لها ساعد على هذا التميز والتمسك بباطلها الاعتقادي.

وينبغي القول أن المعتقد ليس مهماً في كونه صحيحاً أو خاطئاً أو تافهاً بقدر ما هو مهم في أنه يقوم بدور التميز الوجداني الذي يرسم بالتالي الشخصية المتميزة على أي أساس كانت.

لقد فصلت اليابان بين المعتقد والفكرة والثقافة والأخلاق والسلوك وبين المادة العلمية الحضارية، فاحتفظت لنفسها بحرية التكوين الوجداني والأخلاقي والثقافي، وتناولت الوسائل العلمية والحضارية مجردة عن وجدان وأخلاق وثقافة المصادر التي أتت منها إذ لا صلة بين المعتقد والحضارة، لأن الحضارة سلعة عالمية بقدرة الإنسان أن يستوردها من أي مكان وليس شرطاً أن يستورد معها أفكاراً وعادات وتقاليد وثقافة روادها وأصحابها.

فهذه الشخصية اليابانية المستقلة المتميزة هي التي خلقت في العامل البوذي الإبداع والدقة والاختراع والتطوير، وهذا ما لم يكن ممكناً لو كان هذا العامل متقمصاً شخصية وفكر العامل الشيوعي أو الرأسمالي، إنه حينئذ سيشعر بالتبعية الممقوتة وفقدان الشخصية الذي يحدُّ من عزمه ويقتل فيه روح الإقدام والإبداع.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال