العوامل التي تحول دون قيام تعليم شعبي ديمقراطي وطني متحرر تتجسد في:
1- سيادة النظام الرأسمالي التبعي الذي يلتزم بتعليمات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية، مما يفرغ التعليم من محتواه الشعبي الديمقراطي الوطني التحرري.
كما هو الشأن بالنسبة للميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي يلتزم المغرب في إطاره بأجرأة تلك التعليمات، وتحويل التعليم في المدرسة المغربية إلى تعليم نخبوي، لا شعبي، ولا ديمقراطي، ولا وطني، ولا تحرري، يكون في خدمة مصالح البورجوازية التابعة، ومساعدا على إعداد الشعب المغربي لقبول المؤسسات المالية الدولية ببرامجها، وبمخططاتها، وبتعليماتها التي تستهدف إلى استنزاف خيرات الشعب المغربي لصالح تلك المؤسسات.
2- غياب الالتزام باحترام حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والمدنية والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية، وكما يجب أن تتم أجرأتها مع القوانين المغربية، وفي مقدمتها الدستور، حتى يصير جزءا من الحياة اليومية للإنسان المغربي الذي سيسعى بذلك إلى التمتع بحقه في التعليم.
3- غياب التربية على حقوق الإنسان في المجتمع المغربي، لأن النظام التربوي العام في المجتمع قائم على تكريس الخروقات الجسيمة على جميع المستويات، بما فيها المستوى القانوني الذي تغيب منه الإمكانيات القائمة على أجرأة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية، والتي تلعب دورا كبيرا في فرض التربية على حقوق الإنسان.
4- طبيعة العادات و التقاليد و الأعراف القائمة في المجتمع المغربي على أساس تكريس الخروقات الجسيمة في المسلكية اليومية، وعلى جميع المستويات.
ولا أحد يعتبر ما يحصل على مستوى العادات و التقاليد و الأعراف خروقات جسيمة، ولا أحد يعمل على محاصرة تلك الخروقات، ولا أحد يستطيع أن يطرحها للنقاش, لأن العادات والتقاليد والأعراف تتخذ صفة القانون، وهي فوق القانون عندما يتعلق الأمر بالمقارنة بينهما.
5- عدم قيام المنظمات الجماهيرية الجمعوية، والحقوقية، والنقابية على التربية على حقوق الإنسان، وقوانينها وأنظمتها. والعلاقة بين أعضائها، و علاقتها بالقواعد، والأهداف التي تسعى إليها، غالبا ما تكون محكومة بشيء آخر، لا علاقة له بالتربية على حقوق الإنسان، ولا يسعى إلى تكريس التربية على حقوق الإنسان في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي نظرا للطبيعة الانتهازية لمعظم قيادات المنظمات التي تستغل إمساكها بتلك القيادات للوصول إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية التي لا تتحقق بدون الإمساك بقيادات المنظمات الجماهيرية التي تقوم على أساس القيادة الفردية بدل القيادة الجماعية التي تستلزم المحاسبة الفردية والجماعية، والنقد والنقد الذاتي، والتي توجه عمل المنظمات في اتجاه احترام حقوق الإنسان، والعمل على التربية عليها من خلال الممارسة اليومية للتنظيمات الجماهيرية، ومن خلال العلاقة مع الجماهير الشعبية المستهدف بالعمل الجماهيري.
6- عدم قيام التربية على حقوق الإنسان في التنظيمات الحزبية التي تمثل الطبقات الاجتماعية المختلفة التي تسعى إلى بناء المجتمع. فهذه التنظيمات لا تحترم حقوق الإنسان في قوانينها، ولا في تنظيماتها، ولا في برامجها، ولا في علاقتها بقواعدها، ولا في علاقتها بالجماهير المستهدفة بالعمل الحزبي.
فالذي يهم القيادات الحزبية المغربية هو كيف تحقق التطلعات البورجوازية بالوصول إلى المؤسسات التمثيلية، التي تصير وسيلة ناجعة لنهب ثروات الشعب التي يوكل أمر التصرف فيها إلى تلك المؤسسات التمثيلية، وإلى الحكومة المنبثقة عنها.
وهو ما يعني قيام هذه الأحزاب بمضاعفة الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لأنه بتلك الخروقات الجسيمة تتمكن من التصرف اللاحقوقي، واللاديمقراطي الذي ينتج المزيد من الأمراض الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كنتيجة لنهب ثروات الشعب المغربي. وهو ما ينعكس سلبا على المدرسة المغربية، وعلى المحيط المستهدف بالمدرسة المغربية.
وهذه العوامل مجتمعة، إذا أضفناها إلى طبيعة المناهج و البرامج الدراسية، وطرق إعداد المعلمين، وطرق تسيير المؤسسات التعليمية ذات الطبيعة البيروقراطية، والأهداف المحددة القريبة، والمتوسطة، و البعيدة، هي التي تحول دون قيام المدرسة المغربية بدورها لصالح الشعب المغربي الذي يبقى محروما من تعليم شعبي ديمقراطي وطني متحرر وإنساني.
التسميات
مدرسة