الوحدانية المطلقة في العقيدة من خصائص الحضارة الإسلامية.. المناداة بالإله الواحد الذي لا شريك له في حكمه وملكه

قامت الحضارة الإسلامية على أساس الوحدانية المطلقة في العقيدة، فهي أول حضارة تنادي بالإله الواحد الذي لا شريد له في حكمه وملكه، هو وحده الذي يُعيد، وهو وحده الذي يُقصد (إياك نعبد وإياك نستعين) وهو الذي يعز ويذل، ويعطي ويمنح، وما من شيء في السموات والأرض إلا وهو تحت قدرته وفي متناول قبضته.
هذا السمو في فهم الواحدانية كان له أثر كبير في رفع مستوى الإنسان وتحرير الجماهير من طغيان الملوك والأشراف والأقوياء ورجال الدين، وتصحيح العلاقة بين الحاكمين والمحكومين، وتوجيه الأنظار إلى الله وحده وهو خالق الخلق ورب العالمين.
كما كان لهذه العقيدة أثر كبير في الحضارة الإسلامية تكاد تتميز به عن كل الحضارات السابقة واللاحقة، وهي خلوها من كل مظاهر الوثنية وآدابها وفلسفتها في العقيدة والحكم والفن والشعر والأدب، وهذا هو سر إعراض الحضارة الإسلامية عن ترجمة الالياذة وروائع الأدب اليوناني الوثني، وهو سر تقصير الحضارة الإسلامية في فنون النحت والتصوير مع تبريزها في فنون النقش والحفر وزخرفة البناء.
إن الإسلام الذي أعلن الحرب على الوثنية ومظاهرها لم يسمح لحضارته أن تقوم فيها مظاهر الوثنية وبقاياها المستمرة من أقدم عصور التاريخ، كتماثيل العظماء والصالحين والأنبياء والفاتحين.
وقد كانت التماثيل من أبرز مظاهر الحضارات القديمة والحضارة الحديثة؛ لأن واحدة منها لم تذهب في عقيدة الوحدانية إلى المدى الذي وصلت إليه الحضارة الإسلامية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال