إشكالية مفقودي المصير معضلة "مستدامة" بالجزائر.. أعدموا خارج القانون وحسب مزاج بعض الجنرالات والضباط

على مدار سنوات عديدة ظلت عائلات مجهولي المصير تعتصم و تتجمهر أمام مؤسسات الدولة و الهيئات الرسمية للمطالبة بكشف الحقيقة و تسليط الضوء على المستور بخصوص مصير آلاف أبناء الجزائر الذين تعرضوا للاختطاف و الاغتيال و التصفية الجسدية بدعم و تزكية من السلطات العمومية و القائمين على الأمور بالجزائر. و عوض كشف الحقيقة، كل الحقيقة، اكتفى قصر المرادية بمنح بعض الدينارات كتعويض مادي عن مجهولي المصيرالذين تأكد الآن، بما لا يدع ولو ذرة شك، أنهم أ ُعدموا خارج القانون و حسب مزاج بعض الجنرالات و الضباط، هذا في وقت ظل الحكام يحشدون رغبتهم في طمس الحقيقة و الحرص على إبقائها مغيبة.
هناك أكثر من حالة لمجهولي المصير معروضة على أنظار الأمم المتحدة، و منها الملفات المقدمة من طرف جمعية المشعل لأبناء مفقودي منطقة "جيجل" و التي تهم 104 عائلة، و قد سبقتها حالة 175 مفقود المصير من نفس المنطقة، كانت قد عُرضت قبلها في نطاق الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة في أكتوبر 2008. ممّا يثبت مدى التورط المباشر للأجهزة الأمنية و العسكرية و الأستخباراتية الجزائرية في مأساة حالات الاختفاء القسري و مجهولي المصير و المفقودين في ظروف غامضة. و تشير أصابع الاتهام ، بخصوص حالة منطقة "جيجل" إلى الرائد "صالح لباح" المسؤول السابق عن المنطقة تحت إمرة الجنرال "رابح بوغابة" ثم الجنرال علي جمعة بعده، و جنرال الدرك "عباس غزيل" و اللواء الركن "الطيب دراجي"، و كل هؤلاء أكرمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بترقيات مهمة عوض مساءلتهم عن الانتهاكات الجسيمة التي اقترفوها.
و حسب الأستاذ "مروان عزي"، رئيس خلية الدعم القانوني للمكلفين بإعداد "ميثاق المصالحة"، مازالت ملفات عديدة لم يحسم أمرها بعد من ضمن أكثر من 6500 حالة اختفاء قسري و مجهولي المصير و المفقودين.
عموما لقد سمح الإفلات من العقاب و المساءلة باقتراف انتهاكات جسيمة للحق في الحياة و ارتكاب جرائم فظيعة إلى أن أضحى انتهاك الحقوق بالجزائر ممارسة راسخة تُعد أحد مكونات نهج الحكم و تدبير الأمور. و حسب أكثر من جهة حقوقية جزائرية، منذ مطلع سنة 1999 إلى حدود الآن، يلقى – في المعدل- حوالي 200شخص حتفهم في ظروف غامضة. و قد لا تمثل حالات النتهاك المبلغ عنها إلا غيظ من فيض اعتبارا لصعوبة الحصول على معلومات حول التجاوزات بسبب الخوف المستشري على نطاق واسع بين الضحايا و ذويهم، و بالتالي لا يبلغون عنها خشية تفاقم محنتهم أكثر. 
و من مؤشرات حالة الحقوق الرديئة، عزل أحد القضاة في السنين الأخيرة بعد محاكمة في مجلس تأديبي لم تتوافر فيه أدنى شروط العدالة، و ذلك بسبب انتقاده تسييس النظام القضائي عن طريق إجباره على خدمة مصالح حزب سياسي معين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال