التطوُّر في عقائد الشيعة.. الاختلافات السياسية تولد اختلافات عقائدية لعدم وجود نصوص قطعية

عقيدة الشيعة متطوِّرة، ونقصد بذلك أنّ كلَّ الذي ذكرنا لم يظهَرْ مرةً واحدةً في زمن معيَّن، بل هو ناشئ خلال فترة (200 سنة) تقريباً إلى أن استقرّت عقائد الإمامية، ففي كل فترة زمنية أو تاريخية تظهر أفكار واعتقادات ثم يظهر من الشيعة مَن يخالفها وينكرها إلى أن يستقرّ المعتقد إلى شكل معيَّن.
فمثلاً كان الشيعة الأوائل يؤمنون أنّ الإمام المنصوص عليه هو علي رضي الله عنه، ثمّ إنّ عليّاً هو مَن أوصى لابنه الحسن، وأنّ الحسن هو مَن أوصى للحسين. بينما الشيعة حالياً يقولون: إنّ الرسول ص هو الذي عيَّن الإثنا عشر إماماً بأسمائهم. وهذا يناقض التاريخَ كلّه، فقد ذكر كثيرٌ من علمائهم أنّ أولاد (علي زين العابدين الإمام الرابع) اختلفوا هل (زيد بن علي بن زين العابدين) هو الإمام، أم الابن الآخر وهو (محمد الباقر)، فانقسم التشيّع إلى زيدية (نسبة لزيد بن علي) واختار الإمامية (محمد الباقر)، فلو كان عند الإمامية نصٌّ لقُضي الأمر. ثمّ أولاد (جعفر الصادق) اختلفوا هل الابن الأكبر (إسماعيل) هو الإمام، أم (موسى الكاظم) فالإسماعيلية أتباع إسماعيل، والإمامية اختاروا جعفراً. فلو كان هناك نصٌّ لما كان هناك خلاف، بل حتى الشيعة الإمامية يؤمنون أنّ الإمام كان إسماعيل ولكنّ اللهَ بدا له أن يغيّر الإمام وغيَّرَه لجعفر، وظهرت عقيدة عند الشيعة تسمى (البداءة على الله).
ومن الأمثلة على تطوّر المعتقد عند الشيعة قضية (المهدي)؛ ففي كل زمن يظهر عند مجموعة من الشيعة يعتقدون أنّ فلاناً هو الإمام، فقد جعلت جماعة (محمد بن علي بن أبي طالب) المسمى (محمد بن الحنفية) هو المهدي، ومنهم مَن جعل (محمد الباقر) و(جعفر الصادق) و(ذو النفس الزكية) وغيرهم هم (المهدي) فلو كان هناك نص، وأن الأئمة إثنا عشر لَما حصلَ هذا التناقض والاختلاف، وصدق الله حين يقول في كتابه: ]وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا[ [النساء:82]، كما اختلفت النصارى في حقيقة عيسى، فقال تعالى: ]فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ[ [مريم:37].
وإنّ هذه الاختلافات تولّدها الاختلافات السياسية، فمنذ أن بدأت مشكلة علي ومعاوية رضي الله عنهما، ومن ثم خروج الحسين ض على يزيد ومقتله إلى سنة (260هـ) وقت غياب المهدي - كما يزعم الشيعة - خلال هذه السنين (200 سنة) كانت تظهر عقائد للشيعة ويُحذف منها ويُضاف إليها، لذلك لا تجد مؤلَّفاً للشيعة قبل سنة (300هـ) يحمل عقيدة كاملة للشيعة.
وإنّما ظهرَتْ مؤلفات الشيعة بعد ظهور الدولة البويهية (وهم شيعة من بلاد الديلم من بلاد فارس سيطروا على الحكم العباسي، لكنهم أبقوه شكلاً وهم مَن حكم واقعاً) في زمن هذه الدولة ظهرت مؤلفات الشيعة ومعتقداتهم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال