النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين و المسمى بالنخاع الأحمر، والمتواجد داخل جزء العظام المعروف بالعظم الإسفنجي، والذي تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و يتكون من خلايا متحولة (تتحول إلى خلايا دموية أي مولدة لمكونات الدم hematopoietic cells)، و خلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم، ويوجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، والأكتاف، والضلوع، وعظام الحوض، ومفاصل الذراعين والرجلين.
والخلايا في بداية التكوين (الأولية) تسمى خلايا أرومية أو خلايا المنشأ (Stem cells)، وهي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة من الانقسامات التراكمية و التحولات المتعاقبة، بإنتاج خلايا الدم المختلفة (كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفائح الدموية)، التي تواصل مراحل النمو و النضج داخل النخاع.
وتأتي الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نقى النخاع العظمي (Bone marrow transplant)، أو عمليات زرع خلايا المنشأ (Stem cells transplant) حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم، أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية والعلاج الإشعاعي الشديدة، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، (خصوصا عند أورام الدم والأورام الليمفاوية، وبعض أنواع الأورام الصلبة)، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة تؤدي إلى إحباط و تدمير النخاع نفسه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة، قادرة على النمو والتكاثر وإنتاج خلايا الدم.
و تشمل المصادر الممكنة لاستخلاص خلايا المنشأ و استخدامها للزرع، النخاع العظمي والدورة الدموية، سواء من المريض نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد الجدد، و تنقسم عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي (Autologous) حيث تُستخلص من دم أو نخاع المريض نفسه، والزرع المُثلي أو السُلالي، أي من الغير (Allogeneic) حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، ويتم اختيار المتبرع المناسب بعد إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء (human leukocyte antigens HLA)، ويستهدف هذا التحليل، مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات مولدات المضادات التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة بتمييز الخلايا الذاتية عن الغريبة، مثل البكتيريا أو الفيروسات أو الأنسجة المزروعة، ويعتمد نجاح الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، والتطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، والمتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل، يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.
ويعتبر النخاع المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، وعند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من نخاع المريض، وتتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، ويتم إعطاء المريض جرعات عالية من العقاقير الكيماوية، مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، وذلك لتدمير كامل النخاع المتبقي، ومن ثم يُزرع النخاع المعالج، وعند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات والتحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، ويتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع، بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، بغية إحباط الجهاز المناعي إلى أدنى حد، ولتدمير النخاع العظمي المصاب، يتم زرع خلايا المنشأ المنتقاة.
ويتم استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدموية، وتُعرف في هذه الحال بخلايا المنشأ المُحيطية أو الدورية (peripheral stem cells)، وكمياتها عادة غير كافية للجمع، ويعتبر استخدامها للزرع الذاتي عملياً، عند وجود إمكانية لحث النخاع العظمي لدى المريض على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على حدة.
وتنطوي عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة بطبيعة الحال، مثل صعوبة إيجاد المتبرع المطابق، والمضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، ومخاطر رفض الزرع، وفشل الخلايا المستزرعة في الاستقرار والتكاثر.
التسميات
سرطان الأطفال