التربية عامل للإدماج الإجتماعي، إن الأمر لا يتعلق هنا سوى بوظيفة طبيعية للتربية، ألا وهي وظيفة إعادة الإنتاج، إنها الخاصية المحافظة للتربية، غير أن التربية، تشكل، من حيث طبيعتها نفسها، عاملا من عوامل التطور ...
تميل كل دولة إلى استعمال التعليم كعامل أساسي للمشروع السياسي العام . ففي اغلب الأمم الأوروبية، أصبح التمدرس الإجباري إلى سن 16 أو 18 مدعوا إلى جعل معظم الساكنة داخل الطاحونة الإجتماعية الموضوعة من طرف الطبقة السائدة.
فالتربية عامل من عوامل الإدماج الإجتماعي من حيث منهجيتها: لأن العلاقة مدرس-متعلم هي النموذج الأمثل لعلاقات السلطة.
والتربية عامل من عوالم الإدماج الإجتماعي من حيث مضمونها، لأنها تشيع أساليب تفكير محافظة، أي قبول الهرميات الإجتماعية القائمة ...
والتربية عامل إدماج اجتماعي من حيث نتائجها، باستثناء نخبة قليلةن إنها تعمل إلى تحديد إمكانات الإختيار، وهو الأمر الذي يدعى بالتوجيه، والتربية عامل إدماج اجتماعي من خلال الأشخاص الذين يشرفون عليها ويقومون بها، فالإستقلالية التي يحظون بها في مهنتهم تخفي عنهم التبعية التي تربطهم بالنظام الإجتماعي.
وإذا كانت التربية، في العصر الحالي، محركا للإقتصاد، فهل من المقبول أن تبقى فقط كقوة إنتاجية وان يصبح التكوين مجرد غنتاج للسلع (الإنسان العامل)؟ مثل ذلك قابل للفهم في ظل مجتمع استهلاكي مؤسس على النخبة. فهذه التبعية لا يمكن قبولها كما لو كانت قدرا، إذ من الضروري الحفاظ على نوع من المسافة بين المشهد الإقتصادي والإجتماعي وبين النظام التربوي.
غير أن ذلك لا يتأتى دون الوقوع في تناقض فالتربية تتحمل دورا اقتصاديا واجتماعيا، ومن هنا فهي تعاني من التبعية، وبحكم انفتاحها على العالم الخارجي ينبغي لها أن تنتقده وتتحمل انتقاداته في نفس الوقت ... ولذلك، فإنها مدعوة إلى عدم تجاهل التوترات الداخلية التي تعمل داخلها وأن تفسح لها المجال لتتحول إلى عنصر من عناصر التطور والتقدم.
التسميات
تنشئة