بيداغوجيا الملء أو التلقين أو الشحن.. بيداغوجيا المحتوى. البيداغوجيا الوظيفية. لا يتعلم المتعلم من أجل أن يتكون وإنما من أجل الامتحان



 هناك نموذجان أو مدخلان أساسيان ممكنان في البيداغوجيا هما:
- أولا: نموذج متمركز على معارف منقولة، وهو النموذج التقليدي أو بيداغوجيا المحتوى.

- ثانيا: نموذج متمركز على الأهداف التي ينبغي أن يبلغها المتعلمون أو الكفايات التي ينبغي أن يكتسبها المتعلمون، وهي البيداغوجيا الوظيفية.

يترجم هذان النموذجان بتصورات مختلفة للمكون والمتعلم لم تتطور إلا قليلا منذ القديم رغم تغيير التقنيات: هل المعرفة يحوزها المدرس أم التلميذ؟(...) يعني التعليم في النموذج الأول نقل المعارف، وتدريس البرنامج يعني الاستفاضة في مجموع المواضيع المطروحة للمعالجة، وهو ما يعود في بعض الأحيان إلى ضخامة البرنامج.

فقلة قليلة من المدرسين تتمتع بإمكانية الاهتمام بالكفايات التي يعملون على إكسابها للمتعلم (...) يمر كل شئ كما لو كان تحويل المعارف غاية في ذاتها أو أنه يكفي التبليغ من أجل التكوين(...)

 يتعلق الأمر بتحويل مضمون من رأس ممتلئة إلى رأس فارغة؛ وذلك ما يسمى ببيداغوجيا الملء والحشو والتعبئة، وبيداغوجيا الحفر والنقش (...) لا يتعلم المتعلم من أجل أن يتكون وإنما من أجل الامتحان (...) ومن جانبه كتب هرفي سرييكس (1989) فيما يخص النقش والحفر في الذاكرة، وفيما يخص كذلك التهييئ للامتحان بدون إنجاز ما يلي:" إنه لشئ مفارق تماما. ففي مرحلة فياضة من الحياة بكل الاندهاشات والانفعالات يحتجز مجتمع نخبه المستقبلية لكي تحفظ هذه النخب عن ظهر قلب معارف الماضي التي لا تصلح غدا، ثم توضع تلك النخب في ثكنات وفي أقفاص الاتهام.

وبلغة هذه الحياة المتسمة بالأشغال الشاقة تكافئهم بالديبلومات التي تبرهن عن جودة ذاكرتهم ومكابدتهم أو على الأقل على قدرتهم على تحمل الإرهاق"(...).

تهتم هذه البيداغوجيا التقليدية بالأساس بما يقوم به المدرس وبما يدرسه وبالشكل الذي يقوم به (...) يرتبط الشكل الذي تنبني به البرامج في البيداغوجيا التقليدية، تحديدا، بالمحتوى.

ويخضع للعرض الخالص (...) وإن البرامج المتمركزة على المحتويات تعاني من كثير من النواقص المصنفة ضمن أمراض البرامج، حيث من بين أخطر تلك الأمراض نجد التنافر والتحجر والتضخم وغياب الأهداف".

عبد الرحيم هاروشي، بيداغوجيا الكفايات: مرشد المدرسين والمكونين، نشر الفنك، الدار البيضاء 2004 ص.ص21-28 ترجمة الحسن اللحية وعبد الإله شرياط.