مطرقة التنصير وسندان التشيع: تحليل مقارن للأساليب المشتركة في استغلال الفقر والجهل لاختراق المجتمعات الإسلامية السنية

التنصير والتشيع: محاور التأثير على الخريطة الإسلامية

يشكل التنصير (التبشير المسيحي) والتشيع (باعتباره مذهباً إسلامياً له امتدادات عقدية وسياسية) ظاهرتين مختلفتين في المنشأ والأهداف العقدية، لكنهما تلتقيان في بعض الأساليب والتأثيرات، خاصة في مناطق الضعف والهشاشة داخل العالم الإسلامي السني.


أولا: التنصير: التعريف والأهداف والأساليب

التنصير (أو التبشير) هو حركة دينية سياسية استعمارية في جذورها التاريخية، تهدف إلى نشر الديانة المسيحية بين الأمم المختلفة، ولا سيما المسلمين، بغرض التأثير الديني والثقافي والسياسي.

1. أهداف التنصير الرئيسية:

  • الهدف الديني المعلن: تحويل الأفراد إلى الديانة المسيحية (عادةً الكاثوليكية أو البروتستانتية).
  • الهدف الاستراتيجي: إضعاف الوحدة الإسلامية وتقسيم المجتمعات المسلمة.
  • الهدف السياسي: ربط المناطق المستهدفة بالمد الثقافي والسياسي الغربي.

2. أبرز وسائل وأساليب التنصير:

تستخدم الحركة التنصيرية مجموعة من الأساليب الممنهجة التي لا تقتصر على الدعوة الدينية المباشرة، بل تعتمد بشكل كبير على تقديم الخدمات واستغلال نقاط ضعف المجتمعات المستهدفة.

أ. الخدمات الاجتماعية والمساعدات

يُعد هذا الأسلوب من أكثر الوسائل فعالية في اختراق المجتمعات الفقيرة. يتمثل دوره في استغلال الفقر والحاجة والمرض لدى الأفراد لتقديم الخدمات الأساسية مقابل القبول أو التعاطف مع الرسالة الدينية. تشمل هذه الخدمات:

  • تقديم المساعدات المادية والغذائية والإغاثية.
  • إنشاء المستشفيات والعيادات التي تقدم العلاج المجاني أو بأسعار رمزية.
  • توفير برامج الإغاثة الإنسانية في مناطق النزاع والكوارث كـ "جسر" للدخول العقدي.

ب. التعليم والمؤسسات الثقافية

التعليم هو محور استراتيجي للتأثير على الأجيال الجديدة وتغيير البنية الفكرية للمجتمع. يتم ذلك عن طريق:

  • إنشاء المدارس والجامعات ذات الجودة العالية والتي تدمج المناهج التعليمية برسائل تنصيرية خفية أو قيم ثقافية غربية معينة.
  • تأسيس المراكز الثقافية ودور الحضانة التي تستقطب الأطفال والشباب في بيئة ممهدة لنشر الفكر التنصيري.

ج. استغلال الجهل الديني

تستهدف الحملات التنصيرية بشكل أساسي المناطق التي تنتشر فيها الجهل بالعقيدة الإسلامية الصحيحة. وتعتمد على:

  • استغلال الخلافات المذهبية والطائفية داخل العالم الإسلامي للتشكيك في ثوابت الدين.
  • نشر المواد المكتوبة أو المرئية التي تتناول قضايا دينية شائكة أو تاريخية بهدف إضعاف المناعة العقدية.

د. الإعلام والثقافة (الغزو الفكري)

تُستخدم وسائل الاتصال الحديثة والتكنولوجيا على نطاق واسع لنشر المحتوى المؤثر. تشمل هذه الوسائل:

  • استخدام القنوات الفضائية والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
  • بث البرامج الثقافية والأفلام المترجمة والكتب التي تروج لـ القيم الغربية أو المسيحية، مع محاولة ربطها بأساليب التنمية والتطور.

ثانيا: التشيع: المفهوم وأساليب الانتشار

التشيع هو مذهب فقهي وعقدي نشأ في صدر الإسلام، يتخذ من الإمامة وأهل البيت (عليهم السلام) ركيزة أساسية. وفي العصر الحديث، اكتسب التشيع بُعداً سياسياً نشطاً، خصوصاً بعد قيام دول قوية تتبناه.

أسباب انتشار التشيع في العصر الحديث:

  • التمويل المنظم: دعم نشر المذهب عبر المؤسسات الدينية والمراكز الثقافية والبعثات الدينية الممولة من دول لها مصالح في التمدد المذهبي.
  • استغلال المظلومية والتاريخ: التركيز على قضايا تاريخية معينة وشعارات "مظلومية أهل البيت" لجذب المتعاطفين دينياً وعاطفياً.
  • التقية: استخدام مبدأ "التقية" للتغلغل في المجتمعات السنية وإخفاء بعض المعتقدات أو الأهداف المرحلية، مما يسهل اختراق الصفوف.
  • النشاط الفقهي والثقافي: الاستمرار في التأليف وإصدار الكتب وتنشيط الحوزات العلمية في مقابل الجمود الفقهي في بعض التيارات الأخرى.


ثالثا: العلاقة وأوجه التشابه بين الظاهرتين

على الرغم من الاختلاف الجوهري في المرجعيات الدينية، يُنظر إلى التنصير والتشيع في سياق العالم الإسلامي على أنهما قد يلتقيان في نواح استراتيجية وعملياتية:

1. استغلال نقاط الضعف:

كلتا الحركتين تنشطان وتزدهران بشكل ملحوظ في "مستنقعات الضعف" المشتركة داخل العالم الإسلامي، وهي:

  • الفقر والعوز: تقديم المساعدات المادية والإغاثية كجسر للدخول العَقَدي.
  • الجهل الديني: استغلال ضعف الوعي بالعقيدة الإسلامية الصحيحة لتقديم عقائد بديلة أو مشوهة.
  • الاضطراب والنزاعات: التغلغل في مناطق النزاع الطائفي أو الحروب الأهلية لتقديم الدعم المالي أو الحماية مقابل التبعية المذهبية/الدينية.

2. التنافس على المناطق السنية:

في بعض المناطق، يُنظر إلى الظاهرتين كـ "مطرقة وسندان" تعملان على إضعاف نفوذ أهل السنة والجماعة. فكلتاهما تسعيان إلى كسب أتباع من المسلمين السنيين، مما يزيد من التجزئة المذهبية ويضعف المناعة العقدية للمجتمع.

3. استخدام الوسائل العاطفية والثقافية:

  • استغلال العواطف: التنصير يستخدم فكرة المحبة والفداء، بينما التشيع يركز على الولاء والمظلومية لأهل البيت؛ وكلاهما آليات عاطفية قوية للتأثير.
  • التعليم والبعثات: كلاهما يعتمد على إرسال البعثات، سواء كانت بعثات تبشيرية (للتنصير) أو بعثات دينية وحوزات (للتشيع)، لنشر فكرهما.

رابعا: كيفية المواجهة والتحصين

تتطلب مواجهة هذه التحديات استراتيجية شاملة تركز على بناء المجتمع من الداخل:

  • التحصين الديني: تعميق الوعي بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ونشر المنهج الوسطي المعتدل، ومقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة.
  • التنمية الاجتماعية والاقتصادية: محاربة الفقر والجهل والمرض لتجريد المنصرين والمروجين للمذاهب المتطرفة من أسلحتهم الأساسية (المساعدات المادية).
  • الوعي الإعلامي والثقافي: تأسيس برامج إعلامية وثقافية مضادة تكشف الأساليب والمنطلقات والأهداف الخفية لكلتا الظاهرتين.

1 تعليقات

  1. بالطبع يجب على الدولة حماية مواطنيها من كل شيء يتهددهم .. و لن يوجه إليها أحد اللوم إلا إذا تقاعست عن القيام بذلك الدور ..

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال