الجمل التي لا محل لها من الإعراب: أنواعها التسعة، أمثلتها، وشرح تفصيلي لدورها في تراكيب الجملة العربية

الجمل التي لا محل لها من الإعراب: تفصيل وشرح وافٍ

الجمل في اللغة العربية تنقسم إلى نوعين أساسيين: جمل لها محل من الإعراب، وجمل لا محل لها من الإعراب. الجمل التي لا محل لها من الإعراب هي التي لا يمكن أن تحل محل مفرد أو يكون لها موقع إعرابي محدد في الجملة. هذه الجمل تعتبر كأنها خارج السياق الإعرابي للجملة التي تحتويها، وتأتي لتضيف معنى أو تفصيلاً أو تفسيراً. إليك تفصيل لأنواع هذه الجمل التسع:


1. الجملة الابتدائية:

تعريفها: هي الجملة التي تبدأ بها الكلام، وتكون أول ما ينطق به المتكلم أو يكتبه الكاتب. لا يسبقها أي كلام آخر لتتعلق به إعرابياً.

أمثلة:

  • {إنا أعطيناك الكوثرَ} (سورة الكوثر: 1): هذه الآية الكريمة هي بداية سورة الكوثر، وبالتالي فهي جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
  • {اللهُ نورُ السَّمواتِ والأرضِ} (سورة النور: 35): هذه الآية هي بداية جزء من الكلام، وتبدأ بها الجملة دون أن تسبقها جملة أخرى تتعلق بها إعرابياً.

2. الجملة الاستئنافية:

تعريفها: هي الجملة التي تقع في منتصف الكلام، لكنها تكون منفصلة تمامًا عما قبلها من الناحية المعنوية والإعرابية. تأتي هذه الجملة لتبدأ كلامًا جديدًا أو فكرة جديدة مستقلة عن السياق السابق.

أمثلة:

  • {خلقَ السَّمواتِ والأرضَ بالحقِّ، تعالى عمَّا يُشركونَ} (سورة النحل: 3): جملة "تعالى عما يشركون" هي استئناف لكلام جديد بعد ذكر خلق السماوات والأرض، وهي منفصلة إعرابياً عن الجملة التي سبقتها.

اقترانها بحرفي الاستئناف: قد تقترن الجملة الاستئنافية بحرفي الفاء أو الواو الاستئنافيتين:

  • الفاء الاستئنافية: تُستخدم للفصل بين جملتين، حيث تكون الجملة بعد الفاء استئنافًا لكلام جديد.
    • مثال: {فلمَّا آتاهما صالحاً جعلا لهُ شركاءَ فيما آتاهما، فتعالى اللهُ عمّا يُشركون} (سورة الأعراف: 190): "فتعالى الله عما يشركون" جملة استئنافية جاءت بعد الفاء.
  • الواو الاستئنافية: تُستخدم لنفس الغرض، أي بدء كلام جديد بمعزل عما سبقه.
    • مثال: {قالت ربِّ إني وضعتُها أنثى، والله أعلمُ بما وضعتْ، وليس الذكر كالأنثى} (سورة آل عمران: 36): جملة "والله أعلم بما وضعت" وجملة "وليس الذكر كالأنثى" كلتاهما جملتان استئنافيتان جاءتا بعد الواو.

3. الجملة التعليلية:

تعريفها: هي الجملة التي تأتي في أثناء الكلام لتوضيح سبب أو علة لما قبلها من الكلام. تقدم تفسيرًا أو مبررًا للفعل أو القول السابق.

أمثلة:

  • {وصلِّ عليهم، إنَّ صلاتَكَ سَكنٌ لهم} (سورة التوبة: 103): جملة "إن صلاتك سكن لهم" تعلل الأمر بالصلاة عليهم، أي أن السبب في الأمر هو أن صلاته توفر لهم السكينة والطمأنينة.

اقترانها بفاء التعليل: قد تقترن الجملة التعليلية بفاء التعليل لربطها بالسببية بشكل أوضح.

  • مثال: "تمسَّك بالفضيلةِ، فإنها زينةُ العُقلاءِ": جملة "فإنها زينة العقلاء" هي تعليل للأمر بالتمسك بالفضيلة، والفاء هنا فاء تعليل.

4. الجملة الاعتراضية:

تعريفها: هي الجملة التي تقع بين شيئين متلازمين إعرابياً (كالمبتدأ والخبر، أو الفعل وفاعله، أو الشرط وجوابه)، وذلك بهدف تقوية المعنى، أو تسديده (جعله أكثر دقة)، أو تحسين الأسلوب. يمكن الاستغناء عنها دون أن يختل المعنى الأساسي للجملة. غالبًا ما تقع بين شرطتين (-...-) أو قوسين ( (...) ).

أمثلة لتواجدها بين المتلازمين:

  • بين المبتدأ والخبر:
  1. مثال: "وَفِيَهِنَّ، وَ الأَيامُ يَعْثُرْنَ بِالْفَتَى + نَوادِبُ لا يَمْلَلْنَهُ، ونَوائِحُ"
  2. جملة "والأيام يعثرن بالفتى" اعتراضية بين الخبر (نَوادِبُ) والمبتدأ (لا يمكن تحديده بدقة من البيت ولكن المعنى يتضح).
  • بين الفعل وفاعله:
  1. مثال: "وَقَدْ أَدْرَكَتْني، وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ + أَسِنَّةُ قَوْمٍ لا ضِعافٍ، وَلا عُزْل"
  2. جملة "والحوادث جمة" اعتراضية بين الفعل "أدركتني" وفاعله "أسنة".

  • بين الفعل ومفعوله:
  1. مثال: "وَبُدِّلَتْ، وَالدَّهْرُ ذُو تَبَدُّلِ + هَيْفاً دَبُوراً بِالصَّبا، وَالشَّمْأَلِ"
  2. جملة "والدهر ذو تبدل" اعتراضية بين الفعل "بدلت" ومفعوله "هيفاً".
  • بين الشرط وجوابه:
  1. مثال: {فإن لم تفعلوا، ولن تفعلوا، فاتَّقُوا النارَ التي وَقُودُها الناسُ والحجارةُ} (سورة البقرة: 24):
  2. جملة "ولن تفعلوا" اعتراضية بين فعل الشرط "تفعلوا" وجواب الشرط "فاتقوا".
  • بين الحال وصاحبه:
  1. مثال: "سعيتُ، وربَّ الكعبةِ، مجتهداً".
  2. جملة "ورب الكعبة" اعتراضية بين الحال "مجتهداً" وصاحب الحال (التاء في سعيت).
  • بين الصفة والموصوف:
  • مثال: {وانَّهُ لَقَسمٌ، لو تعلمونَ عظيم} (سورة الواقعة: 76):
  • جملة "لو تعلمون" اعتراضية بين الموصوف "قسم" والصفة "عظيم".
  • بين حرف الجر ومتعلقه:
  • مثال: "اعتصِمْ، اصلحكَ اللهُ، بالفضيلة".
  • جملة "أصلحك الله" اعتراضية بين حرف الجر "الباء" ومتعلقه (فعل "اعتصم" الذي تعلق به الجار والمجرور "بالفضيلة").
  • بين القسم وجوابه:
  • مثال: "لَعَمْري، ومَا عَمْري عَلَيَّ بِهَيِّنٍ + لَقَدْ نَطَقَتْ بُطْلاً عَلَيَّ الأَقارِعُ"
  • جملة "وما عمري علي بهين" اعتراضية بين القسم "لعَمْري" وجواب القسم "لقد نطقت".

5. الجملة الواقعة صلة للموصول (الاسمية والحرفية):

تعريفها: هي الجملة التي تأتي بعد الاسم الموصول (مثل: الذي، التي، من، ما) أو الحرف المصدري (مثل: أن، أنَّ، كي) لتوضيح معناه وتتميمه. لا يمكن أن يكتمل معنى الاسم الموصول أو الحرف المصدري إلا بوجود جملة الصلة.

  • صلة الموصول الاسمي: تأتي بعد الأسماء الموصولة.

مثال: {قد أفلحَ من تَزَكَّى} (سورة الأعلى: 14): جملة "تزكَّى" هي صلة الموصول "من" (اسم موصول بمعنى الذي).
  • صلة الموصول الحرفي: المراد بالموصول الحرفي هو الحرف المصدري، وهو حرف وما بعده يُؤوّل بمصدر. الأحرف المصدرية ستة: "أنْ، أنَّ، كي، ما، لو، وهمزة التسوية".
مثال: {نخشى أن تُصيبنا دائرةٌ} (سورة المائدة: 52): جملة "تُصيبنا دائرة" هي صلة الموصول الحرفي "أنْ". يمكن تأويل "أن تصيبنا دائرة" بمصدر: "نخشى إصابتنا دائرة".

6. الجملة التفسيرية:

تعريفها: هي الجملة التي تأتي لتفسير كلمة أو جملة سابقة، وتوضح معناها أو تفاصيلها. يمكن الاستغناء عنها إعرابياً دون أن يختل المعنى العام للجملة.

أقسام الجملة التفسيرية:

  • مُجرَّدة من حرف التفسير: لا يسبقها أي حرف تفسيري ظاهر.
  1. مثال: {وأَسرُّوا النّجوَى}، {الذين ظلموا}، {هل هذا إلا بشرٌ مثلُكمْ} (سورة الأنبياء: 3): جملة "الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم" تفسيرية لكلمة "النجوى".
  2. مثال آخر: {هل أدلُّكم على تجارةٍ تُنجيكم من عذابٍ أليمٍ، تُؤمِنونَ بالله ورسوله} (سورة الصف: 10): جملة "تؤمنون بالله ورسوله" تفسير للتجارة التي تنجي من العذاب.
  • مقرونة بأي التفسيرية: يسبقها حرف "أي" الذي يفيد التفسير.
مثال: "أشرتُ إليه، أي اذهبْ": "اذهب" تفسير للإشارة.
  • مقرونة بأن التفسيرية: يسبقها حرف "أن" التي تفيد التفسير.
  1. مثال: "كتبتُ إليهِ: أن وافِنا": "وافِنا" تفسير لما كُتب إليه.
  2. مثال قرآني: {فأوحينا إليه: أن اصنَعِ الفُلكَ} (سورة المؤمنون: 27): "اصنع الفلك" تفسير للوحي.

7. الجملة الواقعة جواباً للقسم:

تعريفها: هي الجملة التي تأتي بعد أسلوب القسم لتكون جوابه وتوضيح ما أقسم عليه.

أمثلة:

  • {والقرآنِ الحكيمِ انّكَ لَمِنَ المُرْسَلين} (سورة يس: 2-3): جملة "إنك لمن المرسلين" هي جواب القسم "والقرآن الحكيم".
  • {تاللهِ لأكيدَنَّ أصنامَكم} (سورة الأنبياء: 57): جملة "لأكيدن أصنامكم" هي جواب القسم "تالله".

8. الجملة الواقعة جواباً لشرط غير جازم:

تعريفها: هي الجملة التي تأتي كجواب لأداة شرط غير جازمة. أدوات الشرط غير الجازمة لا تجزم الفعل المضارع، ومنها: "إذا"، "لو"، "لولا".

أمثلة:

  • "إذا" الشرطية غير الجازمة:
    • مثال: {إذا جاءَ نصرُ اللهِ والفتحُ، ورأيتَ الناسَ يَدخلون في دينِ اللهِ أفواجاً، فسَبِّحْ بِحَمْدِ ربك} (سورة النصر: 1-3): جملة "فسبح بحمد ربك" هي جواب الشرط "إذا جاء".
  • "لو" الشرطية غير الجازمة:
    • مثال: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ، لَرأَيتهُ خاشعاً مُتصدِّعاً من خشيةِ اللهِ} (سورة الحشر: 21): جملة "لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله" هي جواب الشرط "لو أنزلنا".
  • "لولا" الشرطية غير الجازمة:
    • مثال: {ولولا دَفعُ اللهِ الناسَ بعضَهم ببعضٍ، لَفَسدتِ الأرضُ} (سورة البقرة: 251): جملة "لفسدت الأرض" هي جواب الشرط "لولا دفع الله".

9. الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب:

تعريفها: هي الجملة التي تأتي معطوفة أو متبوعة لجملة سابقة ليس لها محل من الإعراب. بمعنى آخر، إذا كانت الجملة الأصلية (المتبوعة) لا محل لها من الإعراب، فإن الجملة التابعة لها (التابعة لها في العطف أو البدل أو النعت أو التوكيد) ستكون أيضًا لا محل لها من الإعراب.

مثال:

  • "إذا نَهضَتِ الأمةُ، بَلغت من المجد الغايةَ، وادركت من السُّؤْدَدِ النهايةَ".
    • جملة "إذا نهضت الأمة، بلغت من المجد الغاية" هي جملة جواب شرط غير جازم (لا محل لها من الإعراب).
    • جملة "وأدركت من السؤدد النهاية" معطوفة عليها بالواو، وبالتالي فهي أيضًا لا محل لها من الإعراب.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال