يقول عن اللورد كرومر: كان يجلس معي الساعة والساعتين ويحدثني في مسائل شتى كي أنور منها فى حياتي السياسية (مذكرات سعد زغلول كراس 28، ص1516)، والمعروف أن كرومر في تقاريره السنوية كان حريصاً على أن يذكر أنه يعد جيلا جديداً من الشباب المصرى المتفرنج الذى يعجب بالغرب ويحرص على التفاهم مع الاستعمار البريطاني وقبول العمل معهم.
ومن هنا كانت صلة كروم بسعد زغلول عن طريق صهره "مصطفى فهمى" الذى كان أول رئيس وزراء بعد الاحتلال، والذى قضى في الحكم ثلاثة عشر عاماً، وكان أثير الإنجليز محبوباً عندهم، وقد أصهر إليه سعد زغلول فأعد نفسه ليكون أول وزير مصري.
ولعل من الحقائق العجيبة أن اللورد كرومر عام 1907م أعلن أنه يترك مصر مستريحاً لأنه أقام فعلا القاعدة الأساسية لاستدامة الاحتلال، وكان فى هذا العام قد ألف حزب الأمة، وأصبح لطفي السيد هو حامل لواء "الجريدة" وسعد ناظر المعارف.
وقد سخر كرومر فى خطبة الوداع الذى أقامها له رجال حزب الأمة من أولياء النفوذ الأجنبي من المصريين جميعاً، ولم يمدح فى خطابه إلا رجلا واحداً، هو سعد زغلول.
ومن هنا نجد سعد زغلول يكتب فى مذكراته أثر استعفاء كرومر من منصبه في 11/4/1907 وكان يجلس في منزله مع كل من حسن باشا عاصم ومحمود باشا شكرى عندما تلقوا خبر الاستعفاء فقال: أما أنا فكنت كمن تقع ضربة شديدة على رأسه أو كمن وخز بآلة حادة فلم يشعر بألمها لشدة هو لها (كراس 6 ص 240) وكتب في موضع آخر يقول: "قد امتلأت رأسي أوهاماً وقلب خفقاناً وصدري ضيقاً" (كراس 6/246).
ويقول لورد كرومر في تقريره السنوي عن تعيين سعد زغلول ناظراً للمعارف "لم يكن السبب الرئيسي في تعيينه كما يظن أحياناً أنه استياء من الحالة التى كانت تسير عليها مصلحة المعارف العمومية فلا زالت قاصرة في أن توفر أية بادرة لتغير جذري في السياسية التعليمية، إنه يرجع أساساً إلى الرغبة في ضم رجل قادر ومصري مستنير من تلك الطائفة الخاصة من المجتمع المعنية بالاصلاح في مصر".
وقال كرومر: "كما أن سعد من تلاميذ محمد عبده وأتباعه الذين أطلق عليهم "جيروند" الحركة الوطنية المصرية، والذي كان برنامجهم تشجيع التعاون مع الأجانب لادخال الحضارة الغربية إلى مصر، الأمل الذى جعل كرومر يحصر فيهم أمله الوحيد في قيام الوطنية المصرية.
وكان سعد في مقدمة الداعين لإقامة حفل لتوديع اللورد كرومر وكتب في مذكراته يعلن ضيقه بالذين انتقدوا كرومر عقب استعفائه، وقال: إن صفاته قد اتفق الكل على كمالها "كراس6/245"، وأشار إلى علاقة غورست خليفة كرومر به وأنه لما زاره قام فأوصله إلى باب حديقة دار الوكالة البريطانية.
التسميات
أعلام