المعجزات: دلائل النبوة الخارقة للعادة
المعجزة هي ظاهرة فريدة وخارقة للعادة، يتجاوز حدوثها القوانين الطبيعية المألوفة. إنها فعل إلهي مباشر، يُجريه الله تعالى على يد أنبيائه ورسله. الهدف الأساسي من المعجزة هو تحدي البشر وإثبات صدق دعوة النبي أو الرسول الذي جاء بها. تُعد المعجزات برهانًا قاطعًا على أن الشخص ليس مجرد مدعٍ، بل هو مرسل من الخالق، يمتلك دعمًا وقوة لا يمكن لأي إنسان عادي امتلاكها.
أمثلة على معجزات الأنبياء والرسل:
على مر العصور، أيد الله أنبياءه بمعجزات باهرة، كلٌ منها يتناسب مع طبيعة الزمان والمكان، ومع ما كان سائدًا من علوم أو فنون لدى أقوامهم.
معجزات موسى عليه السلام:
أُرسل موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه الذين اشتهروا بالسحر، فجاءت معجزاته قُلباً للسحر ومفحمة للسحرة:
- تحول العصا إلى ثعبان عظيم: كانت هذه المعجزة من أبرز دلائل نبوته. فقد ألقى موسى عصاه فتحولت إلى ثعبان ضخم ابتلع حبال السحرة وعصيهم، مما أذهل فرعون وقومه وأسقط في أيدي السحرة أنفسهم، فعلموا أنها ليست سحرًا بل قوة إلهية.
- رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل: تُعد هذه المعجزة دليلاً على عظم قدرة الله وعلى مدى التحدي الذي واجهه بنو إسرائيل. فقد رفع الله الجبل فوق رؤوسهم كتهديد لإلزامهم بقبول الشريعة والتوراة، مما يدل على أهمية الطاعة لأوامر الله.
معجزات عيسى عليه السلام:
أُرسل عيسى عليه السلام في زمن ازدهر فيه الطب، فجاءت معجزاته شافية لأمراض مستعصية، ومُظهرة لقدرة الله على الخلق والإحياء:
- خلق الطير والنفخ فيه ليصبح طيرًا بإذن الله: كانت هذه المعجزة دليلاً فريدًا على قدرة عيسى عليه السلام على الخلق، وهي صفة خاصة بالله وحده. فقد كان يصنع من الطين شكل طير، ثم ينفخ فيه، فيتحول إلى طير حقيقي يطير بإذن الله. هذا يُظهر قدرة عيسى على الخلق ولكن بمشيئة الله وإذنه.
- إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله: هذه المعجزات الطبية الخارقة كانت تتجاوز قدرات الأطباء في زمانه. فكان يشفي من ولد أعمى (الأكمه) ومن يعاني من مرض البرص المستعصي، بل الأعجب من ذلك أنه كان يحيي الموتى، وكل ذلك لم يكن بقدرته الذاتية بل بإذن من الله عز وجل، مما يؤكد أنه رسول من عند الله.
معجزات محمد صلى الله عليه وسلم:
أُرسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى قوم العرب، الذين برعوا في الفصاحة والبلاغة والشعر، فجاءت معجزته الكبرى، القرآن الكريم، تحديًا بلاغيًا وإعجازًا لغويًا لا يمكن محاكاته. وبالإضافة إلى القرآن الكريم، أيده الله بمعجزات حسية عديدة:
- انشقاق القمر: من أشهر المعجزات الحسية، حيث أشار النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه فانقسم القمر إلى نصفين أمام أعين الكفار كدليل على صدق نبوته، وهي معجزة ما زالت آثارها محل دراسة وبحث.
- نبع الماء من بين أصابعه الشريفة: حدث هذا في مواقف متعددة، خاصة في الغزوات وعند حاجة الصحابة للماء للوضوء والشرب. كان يضع يده الشريفة في إناء، فينبع الماء من بين أصابعه المباركة، مما يروي الجيش كله، وهذا يدل على بركته وعظيم منزلته عند الله.
- إبراء المرضى بلمسه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على المرضى فيشفون بإذن الله، وهذا يشمل حالات مرضية مختلفة، مما يدل على البركة والشفاء الذي أودعه الله في يديه الشريفتين.
