الأصول السياسية للتربية.. التعبير السلطة السياسية في المجتمع وتحديد مواقف وعمليات وإجراءات التعليم مثل نوع الإدارة التعليمية ونوع المسؤوليات والحقوق في كل موقع



الأصول السياسية للتربية:

يلعب النظام السياسي دورا هاما في تشكيل أصول التربية فما يحتويه هذا النظام من قيم وما يؤكده من اتجاهات وما يتبناه من أهداف يرى أن سبيلها إلي التجسيد في الواقع الاجتماعي يتحقق عن طريق تربية الأجيال المختلفة من أبناء المجتمع.

التاريخ الاجتماعي:

والتاريخ الاجتماعي للتربية يحدثنا عن أن التعليم كان يتأثر باستمرار بنظام الحكم في المجتمع وبتوجيه الدولة له فلقد كان  أرستقراطيا حينما كانت تتسيد  الطبقة  الأرستقراطية على المجتمع.
وهكذا يكون ديمقراطيا في دولة تدين بالديموقراطية ويكون اشتراكيا في دولة تدين بالاشتراكية وبالعدالة الاجتماعية وهو في عصرنا الحاضر يتأثر في بعض المجتمعات بالتوجيه العلمي للدولة والمجتمع وللنظم الاجتماعية فيه.

التأثير السياسي في التعليم:

ولقد وجد الفلاسفة والمفكرون السياسيون أنفسهم وهم يضعون نظام لدولة مثالية وجها لوجه أمام التربية كأداة لبنائها وبناء مواطنيها علي المبادئ والقيم والتصورات التي وضعوها لهم.
ولقد كان لهذا التأثير السياسي في التعليم أثره في اختلاف مفاهيم التربية وأهدافها وذلك لاختلاف المفاهيم السياسية من وقت لأخر ومن مجتمع لآخر كما كان له أثره في اختلاف كثير من المفاهيم الاجتماعية المرتبطة بالتربية كمبدأ الإدارة وأسسها وأساليبها ومبدأ الفرص التعليمية وما إلى ذلك.

التفاعل بين التربية والسياسة:

ولهذه الأسباب كلها كان علي التربية أن تتخذ لنفسها من السياسة أساسا تستند إليه فتتعرف علي مفاهيمها وأسسها وأهدافها وإدارتها وطرقها ووسائلها ومناهجها وأنشطتها وأبنيتها ومواقعها داخل المدرسة وخارجها كما تضئ لهم معاني كثيرة من محتوى الحقوق والواجبات التي تنشئ الأجيال عليها وما إلي ذلك من الأمور.
والأصول السياسية هي نتاج التفاعل بين التربية والسياسة حيث تعمل التربية وفقا لهذا في إطار سياسي تخدم في مجتمع معين له أهداف معينة وتشكيلات سياسية معينة.

التعبير عن السلطة السياسية:

فالتربية وهي تضع أهدافها وتحدد وسائلها وإجراءاتها وتصمم وتنفذ برامجها تتأثر بالنظام السياسي للمجتمع.
فإعداد الفرد للعيش في نظام دكتاتوري يختلف عنه للعيش في نظام ديمقراطي يختلف عنه للحياة في مجتمع اشتراكي يختلف عنه للحياة في مجتمع رأسمالي ومنها فلابد وأن تستمد التربية أسسها من النظام السياسي السائد في مجتمعها حتى يمكنها تربية أفراد المجتمع تربية سياسية تتواءم وتتوافق مع خصائص المواطنة المفروضة.

وفي ضوء ذلك تتحدد مواقف وعمليات وإجراءات  التعليم مثل نوع الإدارة التعليمية ونوع المسؤوليات والحقوق في كل موقع مثل موقف المعلمين والطلاب من القضايا الجارية والجدلية، ومثل موقف المدرسة والمؤسسات والهيئات التعليمية من الرأي العام ومن التغير الاجتماعي، فالتربية شأنها في ذلك شأن أي ميدان في المجتمع تحكمه قوانين ولوائح وتنظيمات، وهذه كلها تعبر عن السلطة السياسية في المجتمع وهذا هو قوام الأصول السياسية للتربية.

صراع الصالح بين طبقات المجتمع:

وتتمثل التربية بهذه الأسس دائماً في إطار سياسي، حيث أنها تخدم مجتمع معين بأهداف معينة وتشكيلات سياسية معينة، هكذا كانت في كل عصر من العصور وفى كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع.
فالدولة ليست تعبيراً شائعاً، وإنما هي دائماً تعبر عن علاقات اجتماعية واقتصادية وهي دائماً في تغير ما دام هناك  تناقض في هذه العلاقات يعبر عنها صراع الصالح بين طبقات المجتمع.

فقد تعبر الدولة عن مصلحة قله من الناس فتكون ذات اتجاه ارستقراطي استبدادي. وقد تعبر عن مصلحة أصحاب رؤوس الأموال فتكون ذات اتجاه بورجوازي  رأسمالي.
وقد تعبر عن مصلحة أكبر عدد من الناس فتكون ذات اتجاه ديمقراطي اشتراكي.

تكوين المواطن:

والتعليم وسط هذا كله لابد أن يتأثر بفعل توجيه الدولة له، وبفعل سلطان الطبقة الاجتماعية المسيطرة، فتتأثر أهدافه وبرامجه بل أساليبه وما ينفق عليه من أموال بل أنه يتأثر في علاقاته مع المؤسسات والأنظمة المختلفة.
والتعليم هو أداة تكوين المواطن ومن ثم كان اهتمام الدولة بتوجيه والإشراف عليه، ولقد لعب بذلك أدواراً مختلفة خلال التاريخ فقد حرص الفلاسفة والمفكرون ورجال السياسة وهم يسجون نظرياتهم الفلسفية أو السياسية على وضع التعليم وتوجيه.

فهو في يد الدولة الدكتاتورية أداة تكوين مواطن يتفق في صفاته مع نظامها وأهدافها.
وهو في دولة تؤمن بالديمقراطية وتقوم على مبادئها يعتبر السبيل إلى تكوين صفات الديمقراطية ومهاراتها في المواطنين.
وهكذا كان بالنسبة للدولة ذات النظام الرأسمالي والدولة ذات النظام الاشتراكي.
فالتعليم في كل الأحوال هو السبيل على التربية السياسية وإلى تكوين المواطنين.

دراسة علم السياسة:

لهذا لابد أن تقوم التربية على دراسة علم السياسة فتستمد منه المبادئ والمفاهيم التي تساعد على فهم طبيعتها ووظيفتها في المجتمع.
ومن خلال هذه المبادئ تتحدد مواقف وعمليات مختلفة في التعليم مثل نوع الإدارة التعليمية ونوع المسؤوليات والحقوق في كل موقع منها فهي تعبر عن الطابع السياسي العام للدولة، فالتعليم شأنه شأن أي ميدان في المجتمع تحكمه قوانين ولوائح وتنظيمات، وهذه كلها تعبر عن السلطة السياسية في المجتمع.