الأصول الاقتصادية للتربية.. التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع تقوم على أساس وجود مجموعة من القوى البشرية المدربة والمتعلمة والمؤهلة بمهارات تخصصات متنوعة والقادرة على القيام بعمليات الإنتاج



إن النظرة الثقافية الاجتماعية للتعليم من المنظور السابق يجعلنا ننظر إلى التربية على أن لها أصولا اقتصادية، فالتربية في جزء من أهدافها تعد الناشئين ليتحملوا عبء مسئولية دور مهني في المجتمع وفى مستقبل حياتهم.

ولذلك كان على التربية أن تكون على وعى بالمهن المختلفة في المجتمع وتطبيقاتها ومحتوياتها  ومتطلباتها التعليمية حتى تبنى مناهجها وطرقها ووسائلها بحيث تحقق مثل هذه الوظيفة الاقتصادية للتربية.

ومن هذه الزاوية ندرك الصلة بين الاقتصاد والتربية.
فالتربية تؤثر فى عمليات الإنتاج وفى التنمية الاقتصادية، وهى ذات عائد اقتصادي قاسه الباحثون فوجدوه كبيراً جداً، وبذلك تهتم التربية بجانب تنميتها لشخصيات الأجيال الجديدة وإتاحة الفرص التعليمية أمامها لكي تنمو إلى أقصى حد ممكن، لإنها تهتم بتنمية مهارات حركية وعقلية تبدأ بسيطة فى الأعمار الصغيرة، ثم تتدرج حتى تلتحم تماماً مع متطلبات المهن المختلفة.

ولقد اتضحت هذه الأصول الاقتصادية للتربية خاصة وقد أصبحت أهداف التربية أهدافاً شمولية بالنسبة للفرد وللمجتمع بحيث تسهم فى تنمو الطبيعة البشرية بشكل متكامل وتحقق أهدافاً شاملة اجتماعية واقتصادية، ذلك بعد أن كانت تهدف فقط إلى تنمية العقل وتنشئة الأجيال الجديدة على قيم خلقية مجردة.

فالتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع تقوم على أساس وجود مجموعة من القوى البشرية المدربة والمتعلمة والمؤهلة بمهارات تخصصات  متنوعة والقادرة على القيام بعمليات الإنتاج المختلفة، وهذه القوى البشرية تقوم التربية بإعدادها.

الأصول الاقتصادية للتربية هي من المجالات التي يتزايد الاهتمام بها بشدة في العقود الأخيرة فكما كان من الضروري والأهمية النظر للتربية ودراستها في علاقتها بالسياسية والبناء الاجتماعي. كان من الضروري النظر إليها ودراستها  في علاقتها بالاقتصاد.

فالتنمية الاقتصادية تتطلب تغيير في عمليات الإنتاج وفى اتجاهات الأفراد وقيمهم نحو العمل، كما تتطلب تدريب هؤلاء الأفراد وإكسابهم المهارات اللازمة لإحداث التطور ومتطلبات التنمية وأساس التنافس المحلى والعالمي والذي فرضته قوى وآليات العولمة.

وقد بلغ الاهتمام بدراسة التربية في الإطار الاقتصادي، بعد ما أصبحت قوة الأمم وتقدمها لا تقاس فقط بتوافر لديها من موارد طبيعة وإنما بمدى امتلاكها للقوى البشرية الواعية والمدربة على العمل والإنتاج ورصيدها القوى المعرفي المتمثل في عدد الاكتشافات العلمية وحقوق الملكية الفكرية المسجلة للمخترعين والموهوبين والمبدعين وغيرهم.

وإذا كان التعليم هو أساس إعداد البشرية القادرة  على كل هذا وغيره كان لابد وأن يكون بينه وبين الاقتصاد علاقات وثيقة ولم يعد ينظر طبقاً لذلك إليه على أنه نوع من الخدمات تقدم للناس في عزلة عن العمليات الاقتصادية وإنما أصبح ينظر إليه على أنه استثناء بصورة أساسية.