دراسة وشرح وتحليل قصيدة مدح المعتصم يوم عمورية لأبي تمام.. الخصائص الاسلوبية. المقارنة. التشبيه. الطباق. الجناس. النداء. التكرار. النداء. المبالغة



دراسة وشرح وتحليل قصيدة مدح المعتصم يوم عمورية لأبي تمام:

بيت 1:
الشاعر جاء ليرد على المنجمين فكلمة إنباء تحمل في مدلولاتها ادعاء الغيب؛ فالشاعر ازاء ذلك جاء ليدحض (ليرد – ليكذب) المنجمين في ادعائاتهم على انه اعلم بالغيب.

بيت 2:
السيوف هي التي تقطع الشك في اليقين وقد نعتها الشاعر بانها بيضاء (السيوف) اشارة الى حدتها، وقوية في الوقت الذي نعت الشاعر فيه ادعاءات المنجمين بانها باطلة وزائفة.
* التشبيه الضمني هو: تشبيه صورة بصورة ...
(والعلم في شهب الـ...

بيت 3:
يؤكد ابو تمام ان الحقيقة الكاملة واليقين التام يكمنان (يتواجدان) فقط في امتلاك المعتصم للادوات القتالية (اسنة الرماح) ولا يكمن ذلك ابداً في غيبيات لا صله لها بارض الواقع (السبعة الشهب).

بيت 4:
سخر الشاعر من المنجمين من خلال استفهامه الاستنكاري، ويطالبهم متحدياً اياهم ان يكشفوا عن روايتهم المزعومة وعن نجومهم الخاصة بهم تلك التي لا تخرج عن نطاق تزين الشيء وبطلانه (الكذب).

بيت 5:
هنا نجد الشاعر يتلذذ بنشوة الانتصار ويتحسس لذة نتائج المعركة ؛ ان ما حققه المعتصم في هذه المعركة عند الشاعر اشهى من اللبن المعسول.

بيت 6+7:
الشاعر يشير في هذا البيت وما تلاه الى النتائج المثمرة التي خلفها المعتصم يوم عمورية، ومن اهم هذه النتائج:
1. انه رفع من شأن المسلمين والاسلام في الوقت الذي حطّ من شأن المشركيم والشرك.
2. لقد ترك المعتصم عمورية تاكلها النار من خلال اشجارها وصخورها.

بيت 8+9:
بالغ كثيراً في وصف الدمار الذي تركه المعتصم في هذه المعركة بين الاعداء, من هذه المبالغات:
- تغيير حقيقة الليل اذ لم يعد الليل ليلاً,
- انه ترك الليل وهو ضحى (نهاراً) , يُقَطعُ الليل شعلة من اللهب المتصاعد,
- المعتصم وبكثرة الحرائق التي أحدثها جعل اللي يرغب بتغيير لونه, او ان الشمس لم تغب ابداً على ذلك المكان.

بيت 10:
انه ضوءٌ من النار العظيمة بينما كانت الدنيا مظلمة, وانما ظلمة دخان كثيف في نهار كثير الدخان.

بيت 11:
هذا العمل العظيم, وهذه النتائج الكبيرة, وهذه النتائج الكبيرة ما كانت لتكون لولا تدبير المعتصم لها, الذي انتقم لله وكان يرتقب الاجر من الله فقط (خاض هذه المعركة بسم الله ولله ولم يكن له هدف اخر غير مرضاة الله).

بيت 12:
يؤكد الشاعر على ان المعتصم لم يكن قد غزا قوم ما أو أنه اتجه الى بلد ما الا وقد تقدمه جيش عظيم مرعب.

بيت 13:
 يمدح الشاعر المعتصم عندما يراه قائداً يسوق جيشاً عظيماً, بل ذهب الشاعر الى ابعد من ذلك حينما قال لقد كفى المعتصم ان يكون هو بمثابة الجيش حتى وان لم يكن معه جيش.

بيت 14:
يكرر الشاعر قوة المعتصم وفكرة انتصاره سيما حين يرى الشاعر ان تدمير برجي عمورية لم يتم ذلك الا حينما استعان المعتصم بالله.

بين 15:
لقد دمر المعتصم هذين البرجين (الروم) ان حصونهم مانعتهم , ولكن الله يفتح الحصن.

بيت 16:
بالغ الشاعر كذلك في تضخيم عدد جنود الاعداء حينما جعلهم 90000 ووصفهم بانهم كالاسود الجائعة؛ لقد جعل جلودهم تنضج وذلك قبل موعدها (قبل موسم الصيف).

بيت 17:
ينادي الشاعر الخليفة المعتصم ويدعو له, سيما وان المعتصم دافع عن اصل الدين والاسلام وحَسَبِهِم.

بيت 18:
كل نصر حسب رأي الشاعر له ثمن باهظ وثمين .

بيت 19+20:
اشار الشاعر الى اهمية هذه المعركة حينما ربطها (عمورية ) بغزو بدر.
النتائج التي خلفتها غزوة بدر هي تقريباً نفسها التي خلفتها معركة عمورية ( النصر للاسلام والمسلمسن) .
يقول الشاعر لو كان للتاريخ ان يجمع اجزاءه واحداثه لكان الأولى ان ترتبط عمورية بغروة بدر فالصِلاةُ ما بينها واضحة المعالم.

الخصائص الاسلوبية:
1- أسلوب المقارنة: بين السيف وبين اللهو , الحق والباطل.
2- التشبيه: كاساد الشرا , والعلم في شهب الارماح بيت رقم 3.
3- أسلوب الطباق: الجد-اللعب , السود – البيض , صعد-صبب بيت رقم 6.
4- الجناس: الصفائح – الصحائف, الحد – حدة.
5- أسلوب النداء: امير المؤمنين , يا يوم.
6- التكرار:
"النداء" باشكاله المختلفة.
- تكرار المعنى: التأكيد على فكرة فوة المعتصم والمبالغة في النتائج التي خلفها المعتصم.
7- أسلوب النداء: كأسود - الراحة الكبرى.
8- اسلوب المبالغة: وهو واضح وكثير في هذه القصيدة والشاعر لجأ إليها، وذلك ناتج عن تأثره بنتائج هذه المعركة الحاسمة، مثالاً: في عدد الجنود , تغيير حقيقة الليل الى النهار.

قصيدة مدح المعتصم يوم عمورية لأبي تمام كاملة:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في
مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً
بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما
صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً
لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً
عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ
إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ
وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً
ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ
يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ
ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ
لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمراً قَبلَ مَوقِعِهِ
لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ
نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ
وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ
يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت
مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ
أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ
وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ
أُمٌّ لَهُم لَو رَجَوا أَن تُفتَدى جَعَلوا
فِداءَها كُلَّ أُمٍّ مِنهُمُ وَأَبِ
وَبَرزَةِ الوَجهِ قَد أَعيَت رِياضَتُها
كِسرى وَصَدَّت صُدوداً عَن أَبي كَرِبِ
بِكرٌ فَما اِفتَرَعتَها كَفُّ حادِثَةٍ
وَلا تَرَقَّت إِلَيها هِمَّةُ النُوَبِ
مِن عَهدِ إِسكَندَرٍ أَو قَبلَ ذَلِكَ قَد
شابَت نَواصي اللَيالي وَهيَ لَم تَشِبِ
حَتّى إِذا مَخَّضَ اللَهُ السِنينَ لَها
مَخضَ البَخيلَةِ كانَت زُبدَةَ الحِقَبِ
أَتَتهُمُ الكُربَةُ السَوداءُ سادِرَةً
مِنها وَكانَ اِسمُها فَرّاجَةَ الكُرَبِ
جَرى لَها الفَألُ بَرحاً يَومَ أَنقَرَةٍ
إِذ غودِرَت وَحشَةَ الساحاتِ وَالرُحَبِ
لَمّا رَأَت أُختَها بِالأَمسِ قَد خَرِبَت
كانَ الخَرابُ لَها أَعدى مِنَ الجَرَبِ
كَم بَينَ حيطانِها مِن فارِسٍ بَطَلٍ
قاني الذَوائِبِ مِن آني دَمٍ سَرَبِ
بِسُنَّةِ السَيفِ وَالخَطِيِّ مِن دَمِهِ
لا سُنَّةِ الدينِ وَالإِسلامِ مُختَضِبِ
لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها
لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ
غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً
يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
حَتّى كَأَنَّ جَلابيبَ الدُجى رَغِبَت
عَن لَونِها وَكَأَنَّ الشَمسَ لَم تَغِبِ
ضَوءٌ مِنَ النارِ وَالظَلماءِ عاكِفَةٌ
وَظُلمَةٌ مِن دُخانٍ في ضُحىً شَحِبِ
فَالشَمسُ طالِعَةٌ مِن ذا وَقَد أَفَلَت
وَالشَمسُ واجِبَةٌ مِن ذا وَلَم تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَهرُ تَصريحَ الغَمامِ لَها
عَن يَومِ هَيجاءَ مِنها طاهِرٍ جُنُبِ
لَم تَطلُعِ الشَمسُ فيهِ يَومَ ذاكَ عَلى
بانٍ بِأَهلٍ وَلَم تَغرُب عَلى عَزَبِ
ما رَبعُ مَيَّةَ مَعموراً يُطيفُ بِهِ
غَيلانُ أَبهى رُبىً مِن رَبعِها الخَرِبِ
وَلا الخُدودُ وَقَد أُدمينَ مِن خَجَلٍ
أَشهى إِلى ناظِري مِن خَدِّها التَرِبِ
سَماجَةً غَنِيَت مِنّا العُيونُ بِها
عَن كُلِّ حُسنٍ بَدا أَو مَنظَرٍ عَجَبِ
وَحُسنُ مُنقَلَبٍ تَبقى عَواقِبُهُ
جاءَت بَشاشَتُهُ مِن سوءِ مُنقَلَبِ
لَو يَعلَمُ الكُفرُ كَم مِن أَعصُرٍ كَمَنَت
لَهُ العَواقِبُ بَينَ السُمرِ وَالقُضُبِ
تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ
لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ
وَمُطعَمِ النَصرِ لَم تَكهَم أَسِنَّتُهُ
يَوماً وَلا حُجِبَت عَن رَوحِ مُحتَجِبِ
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ
إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا
مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
رَمى بِكَ اللَهُ بُرجَيها فَهَدَّمَها
وَلَو رَمى بِكَ غَيرُ اللَهِ لَم يُصِبِ
مِن بَعدِ ما أَشَّبوها واثِقينَ بِها
وَاللَهُ مِفتاحُ بابِ المَعقِلِ الأَشِبِ
وَقالَ ذو أَمرِهِم لا مَرتَعٌ صَدَدٌ
لِلسارِحينَ وَلَيسَ الوِردُ مِن كَثَبِ
أَمانِياً سَلَبَتهُم نُجحَ هاجِسِها
ظُبى السُيوفِ وَأَطرافُ القَنا السُلُبِ
إِنَّ الحِمامَينِ مِن بيضٍ وَمِن سُمُرٍ
دَلوا الحَياتَينِ مِن ماءٍ وَمِن عُشُبِ
لَبَّيتَ صَوتاً زِبَطرِيّاً هَرَقتَ لَهُ
كَأسَ الكَرى وَرُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُغورِ المُستَضامَةِ عَن
بَردِ الثُغورِ وَعَن سَلسالِها الحَصِبِ
أَجَبتَهُ مُعلِناً بِالسَيفِ مُنصَلِتاً
وَلَو أَجَبتَ بِغَيرِ السَيفِ لَم تُجِبِ
حَتّى تَرَكتَ عَمودَ الشِركِ مُنعَفِراً
وَلَم تُعَرِّج عَلى الأَوتادِ وَالطُنُبِ
لَمّا رَأى الحَربَ رَأيَ العَينِ توفِلِسٌ
وَالحَربُ مُشتَقَّةُ المَعنى مِنَ الحَرَبِ
غَدا يُصَرِّفُ بِالأَموالِ جِريَتَها
فَعَزَّهُ البَحرُ ذو التَيّارِ وَالحَدَبِ
هَيهاتَ زُعزِعَتِ الأَرضُ الوَقورُ بِهِ
عَن غَزوِ مُحتَسِبٍ لا غَزوِ مُكتَسِبِ
لَم يُنفِقِ الذَهَبَ المُربي بِكَثرَتِهِ
عَلى الحَصى وَبِهِ فَقرٌ إِلى الذَهَبِ
إِنَّ الأُسودَ أُسودَ الغيلِ هِمَّتُها
يَومَ الكَريهَةِ في المَسلوبِ لا السَلَبِ
وَلّى وَقَد أَلجَمَ الخَطِّيُّ مَنطِقَهُ
بِسَكتَةٍ تَحتَها الأَحشاءُ في صَخَبِ
أَحذى قَرابينُهُ صَرفَ الرَدى وَمَضى
يَحتَثُّ أَنجى مَطاياهُ مِنَ الهَرَبِ
مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ
مِن خِفَّةِ الخَوفِ لا مِن خِفَّةِ الطَرَبِ
إِن يَعدُ مِن حَرِّها عَدوَ الظَليمِ فَقَد
أَوسَعتَ جاحِمَها مِن كَثرَةِ الحَطَبِ
تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى نَضِجَت
جُلودُهُم قَبلَ نُضجِ التينِ وَالعِنَبِ
يا رُبَّ حَوباءَ حينَ اِجتُثَّ دابِرُهُم
طابَت وَلَو ضُمِّخَت بِالمِسكِ لَم تَطِبِ
وَمُغضَبٍ رَجَعَت بيضُ السُيوفِ بِهِ
حَيَّ الرِضا مِن رَداهُم مَيِّتَ الغَضَبِ
وَالحَربُ قائِمَةٌ في مَأزِقٍ لَجِجٍ
تَجثو القِيامُ بِهِ صُغراً عَلى الرُكَبِ
كَم نيلَ تَحتَ سَناها مِن سَنا قَمَرٍ
وَتَحتَ عارِضِها مِن عارِضٍ شَنِبِ
كَم كانَ في قَطعِ أَسبابِ الرِقابِ بِها
إِلى المُخَدَّرَةِ العَذراءِ مِن سَبَبِ
كَم أَحرَزَت قُضُبُ الهِندِيِّ مُصلَتَةً
تَهتَزُّ مِن قُضُبٍ تَهتَزُّ في كُثُبِ
بيضٌ إِذا اِنتُضِيَت مِن حُجبِها رَجَعَت
أَحَقَّ بِالبيضِ أَتراباً مِنَ الحُجُبِ
خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن
جُرثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ
بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها
تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ
إِن كانَ بَينَ صُروفِ الدَهرِ مِن رَحِمٍ
مَوصولَةٍ أَو ذِمامٍ غَيرِ مُنقَضِبِ
فَبَينَ أَيّامِكَ اللاتي نُصِرتَ بِها
وَبَينَ أَيّامِ بَدرٍ أَقرَبُ النَسَبِ
أَبقَت بَني الأَصفَرِ المِمراضِ كَاِسمِهِمُ
صُفرَ الوُجوهِ وَجَلَّت أَوجُهَ العَرَبِ