دراسة وشرح وتحليل قصيدة أطاعن خيلاً للمتنبي.. الخصائص الاسلوبية. أسلوب الاختزال. الجمل التقريرية والإنشائية. أسلوب الكناية. المزج بين الافعال المضارعة والماضية



شرح وتحليل قصيدة "أطاعن خيلاً" للمتنبي:

مقدمة:

تعتبر قصيدة "أطاعن خيلاً" من أشهر قصائد المتنبي، حيث تُعد نموذجًا رائعًا لشعره الفخري الذي يتميز بالقوة والجزالة.

شرح أبيات القصيدة:

الأبيات (1-4):

  • البيت الأول: يبدأ المتنبي القصيدة بالافتخار بنفسه، ويصف قوته وشجاعته في المعركة. فهو يقاتل فرسانًا وابطالًا، ويلازمه الصبر فقط في معركته مع الدهر.
  • البيت الثاني: يُشير المتنبي إلى أن ما يدفعه إلى الانتصار هو تحقيق سلامته، وأن هذه النفس لم تثبت وتنتصر لولا إيمانها بعدم الهزيمة.
  • البيت الثالث: يُعبّر المتنبي عن فكرة قوته، ويشير كذلك إلى بعض معالم هذه القوة؛ فهو متمرس (ذو خبرة) بمحاربة الآفات والمصائب تلك التي تركها الشاعر لتقول هل مات الموت ام ذُعِرَ الذُعر ؟! (المتنبي غَيّرَ من طبيعة وحقائق الاشياء الحاصة بالموت والذعر).
  • البيت الرابع: يواصل الشاعر الفخر بنفسه حينما يصور اقدامه في الانقضاض على اعدائه بالسيل القوي المندفع من مكان عالِ وكان له ثأراً يريد اخذه.

الأبيات (5-8):

  • البيت الخامس: يُضمّن المتنبي قصيدته أبياتًا من الحكمة، حيث يُطالب الإنسان الباحث عن المعاني والأخلاق السامية أن يترك نفسه تأخذ ما أمكنها من هذه المعاني قبل أن تفترق النفس عن الجسد (قبل أن تموت).
  • الأبيات من (6-8): يشرح الشاعر مفهوم المجد ويوضح عناصره وأركانه، والتي لخصها فيما يلي:
- المجد الحقيقي ليس معناه الخمر والجواري، وإنما هو السيف والقوة والقتلة الفتاكة القاتلة من أول مرة.
- تضريب (تقطيع) أعناق الملوك الظالمين، ثم دخولك في معركةٍ فيها يتصاعد الغبار الكثير نتيجة أرجل الخيول وأرجل الجيش العظيم.
- المجد كذلك هو أن يترك الإنسان له دويًا (صيتًا) في الدنيا يتداول أمره الناس بعد موته.

الأبيات (9-12):

  • البيت التاسع: يرجع المتنبي إلى بث الحكمة ضمن أبياته في هذه القصيدة، فيقول أنه يجب الترفع عن عطاء وهبة الناقص وعدم الأخذ منه؛ وذلك حتى لا نحتاج إلى شكره أبدًا.
  • البيت العاشر: يقول المتنبي أنه بمجرد أن يخشى الإنسان الفقر فإنه حتماً سيفقر؛ لذلك يطالبنا بالابتعاد كليًا عن التفكير بهذا الموضوع الساعات الطوال خوفًا من الفقر لأن هذا هو الفقر بعينه.
  • الأبيات (11+12): يرجع المتنبي إلى الافتخار بنفسه، وليؤكد على صورة المجد الذي يصبو إليه بعد أن أخذ عهدًا على نفسه أن يجهز فرسًا سريعة يركبها (يمتطيها) غلام (فتى) قد أملأ الشاعر صدر هذا الغلام حقدًا على الظالمين؛ هذا الغلام يصوب رماحه على هؤلاء الظالمين بحيث يجعلهم يستهون ويتمنون الموت بدلاً من أن يتمنوا الخمر في الكؤوس.

البيت الثالث عشر:

في البيت الأخير يعود الشاعر إلى الافتخار بنفسه كما هو شأنه مع الأبيات السابقة، ويقول: كثيرة هي الجبال التي تشهد بقوة واتزان ورجاحة عقله، وكثيرة هي البحار التي تشهد بعطائه وكرمه.

الخصائص الأسلوبية:

أسلوب الاختزال (الحذف):

وهذ يظهر من العنوان... أصلها اطاعن ابطالاً يركبون خيلاً.

استخدام الجمل التقريرية والإنشائية:

  • الجمل التقريرية: الحمل التي تخلو من العواطف... أطاعن خيلاً - واشجع مني سلامتي علي لاهل .. - يدير باطراف الرماح.
  • الجمل الإنشائية: وما ثبتت (اسلوب النفي) - وكم من جبالِ.

أسلوب الكناية:

  • خيلاً - الابطال.
  • جبال - الاتزان والوقار.
  • بحر - العطاء.

المزج بين الأفعال المضارعة والماضية:

  • أطاعن - يأخذ - تدير - يرفعك.. (مضارع).
  • تمرست - تركتها - ذعر -.. (ماضي).

أسلوب الشرط (الجمل الشرطية):

مثل: إذا الفضل، ومن ينفق الساعات.

أسلوب الحصر:

فما المجد إلاّ السيف.

الموضوعات الرئيسية في القصيدة:

الفخر:

  • يفتخر المتنبي بشجاعته وقوته في المعركة، ومهاراته القتالية، وإنجازاته العظيمة.
  • يُؤكّد على مفهوم المجد الحقيقي، ويربطه بالقوة والبطولة والشجاعة، لا بالملذات والترف.

الحكمة:

يُقدم المتنبي نصائح قيّمة حول الحياة والناس، مثل أهمية السعي وراء المعرفة والأخلاق، والابتعاد عن الخوف والفقر.

الوصف:

يصف المتنبي مشاهد المعركة ووصفًا دقيقًا، ويُجسّد قوة اندفاعه وشجاعته في القتال.

الثقة بالنفس:

يتميز المتنبي بثقة عالية بالنفس، ويُؤمن بقدراته وإمكانياته، ويُظهر ذلك من خلال فخره وإعجابه بنفسه.

السمات الفنية للقصيدة:

  • القوة والجزالة: تتميز القصيدة بأسلوبها القوي والجزل، واستخدامها للألفاظ والمعاني القوية.
  • الصور الشعرية: تُزخر القصيدة بالصور الشعرية المُبتكرة والمعبرة، مثل تشبيه اندفاعه في المعركة بالسيل، وتشبيه الجبال بشهادة على قوته.
  • التنوع البلاغي: تنوعت الأساليب البلاغية في القصيدة، مثل الاستعارة والكناية والتشبيه والمبالغة، مما أضفى عليها ثراءً ودقة في التعبير.
  • مكانة القصيدة: تُعدّ قصيدة "أطاعن خيلاً" من أشهر قصائد المتنبي، ونموذجًا رائعًا لشعره الفخري. تُعبّر القصيدة عن قوّة المتنبي وشجاعته وثقته بنفسه، وتُقدم دروسًا قيّمة في الحياة. نالت القصيدة إعجاب النقاد والقراء على مر العصور، وما زالت تُعتبر من أهمّ قصائد الشعر العربي.

خاتمة:

أظهرت قصيدة "أطاعن خيلاً" عبقرية المتنبي وقدرته على التعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة قوية ومُؤثّرة. تُعدّ هذه القصيدة كنزًا من كنوز الشعر العربي، وتُجسّد قيم الفخر والشجاعة والحكمة.