دراسة وتحليل قصة الساعة والإنسان لسميرة عزام



تحليل القصة:
قصة الساعة والإنسان، لسميرة عزام، بكل ما تطويه من رموز ومعان عميقة، تدور حول شخصية أبي فؤاد، الذي هو لغز لم يفك إلا بعد أن تفجر حدث، ألا وهو عدم مجيئه كالمعتاد.
أبو فؤاد محور القصة الأساسي، والراوي هنا ليس إلا شخصية تساعد في معرفة سر هذه الشخصية.

أبو فؤاد مد بتجربة إنسانية قاسية، كانت صدمة كبيرة بالنسبة له، فابنه الشاب الذي يسافر يوميا بالقطار متوجها إلى مكان عمله، يفوته الوقت بدقائق قليلة معدودة، الأمر الذي أودى بحياته صريعا تحت عجلات القطار، فأخذ أبو فؤاد على نفسه مسؤولية صعبة وشاقة، وهي محاربة الزمن.

فها هو يبذل من العناء كل صباح في سبيل زملاء ابنه، ليوقظهم في الموعد كي لا تتكرر مأساة ابنه مرة أخرى، هذه المهمة التي اختارها أبو فؤاد لنفسه جعلته شخصية من دون ملامح، فهو بالنسبة لفتحي (الراوي) ليس إلا منبها دقيقا في الموعد، ولم يكن يتخيل أن هذا المنبه إنسان له قصة، وتجربة، وشعور وحياة.

القصة تتأزم عندما اختفى أبو فؤاد ولم يأت في الموعد المعتاد من كل صباح، الأمر الذي أثار فضول فتحي ليسأل عنه، ها هو فتحي يتوجه مع عبدالله إلى السوق ليسأل عن أبي فؤاد، ولكنه لم يجده فقرر أن يسأل عنه في منزله، وحين وصل إلى المنزل نرى الكاتبة تدقق بالوصف لشكل المنزل، جدرانه، بابه، باحته، إلخ.. وهناك يرى فتحي أبو فؤاد جثة هامدة ككل شيء في المنزل، إلا الساعة.

أبعاد القصة:
1- القصة تعالج (موتيف) الزمن الذي عالجته سميرة عزام بإطار قصصي، جميل، رقيق، مؤثر، فالزمن يلعب دورا هاما في حياة الإنسان، والغريب في الأمر أن الوقت هو عنصر عبثي، صنعه الإنسان، والأغرب من ذلك أنه يتحكم في الإنسان.

نلاحظ تكرار هذا (الموتيف) من خلال كل القصة ابتداءا بالعنوان، وانتهاءا بصوت الساعة (تك تك تك) ومن بعض المصطلحات التي وردت هي: (الساعة لما تبلغ الرابعة صباحا...، تأخر،..).

2- تفكك الروابط الإجتماعية بين الناس، بالنسبة لفتحي أبو فؤاد لم يكن سوى منبها، ولكن وعلى حد تعبير الراوي (لأول مرة شعرت أن طارق الفجر يمكن أن يكون له اسم وشخصية وظروف وملامح..)، (لم يكن أكثر من صوت..)، (اكتشفت بالصدفة أن له اسما..)، (ونحن لم نسأل..).

حاولت سميرة عزام من خلال طرح هذا (الموتيف) أيضا، أن تؤكد على قضية الإنسانية فوضعت تلك القصة بأسلوب الاسترجاع الفني.
نلاحظ أن في القصة مسارين:

- المسار الأول: هو قصة الراوي بحد ذاته (فتحي)، الذي يبدأ نهاره بعمل جديد مع كل التخوفات لموظف جديد.

- المسار الثاني: هو قصة أبو فؤاد الذي فقد ابنه، وعمق تلك المأساة.

يلتقي المساران في القصة بوجهين، الوجه الأول هو صراع الإنسان مع الزمن، والوجه الآخر هو أهمية الفرد في المجتمع، متمثلا بشخصية أبي فؤاد.