دراسة وتحليل قصة القهوة الخالية لنجيب محفوظ.. تركيب / تلخيص القصة. الخصائص الأسلوبية. اللغة. اللهجة. الراوي. المكان. الرمزية



عرض قصة القهوة الخالية:

محمد الرشيدي مدرس متقاعد بلغ التسعين، توفيت زوجته زاهية، التي تصغره بثلاثين عاما، الأمر الذي دفع ابنه صابر أن يأخذه عنده ويقيم مع أسرته، ولكن في بيت الابن وجد الأقربين الوحدة، فالبيت على حد تعبير الراوي (مشغول بنفسه) والمعاناة الثانية هي من حفيده (توتو) ذلك الطفل الشرس ثقيل المزاح.

حاول البطل التخلص من هذا الشعور بالوحدة عن طريق الترددعلى مقهى (ماتاتيا) الذي طالما كان يزوره قديما ويجتمع هناك بمعارفه وأصدقائه، ولكن عندما دخل محمد الرشيدي إلى القهوة وجدها خالية وقد قال لنفسه في ما يشبه المداعبة: (ما بال القهوة خالية).

طبعا القهوة لم تكن خالية بل مملوءة ولم يكن إلا بعض (الترابيزات).
الخالية وهنا تظهر مأساة البطل فالقهوة خالية من الأصحاب أو حتى من المعارف.

وهكذا فإن هذه القهوة ترمز إلى دنياه الخالية من الأحباب والأصدقاء أبناء جيله.
ويبدو محمد الرشيدي، هذا الشيخ الهرم المنعزل عن مجتمعه لا بإرادته يشعر بالوحشة والإغتراب والوحدة رغم وجود الناس حوله.

وهذا أيضا يظهر واضحا من خلال المعزين الذين حضروا جنازة زاهية، فلم يكن من بينهم من أصحابه أو معارفه رغم كثرة الموجودين، بل من جاء إلى الجنازة جاء إكراما لزوج ابنته ولابنه.

وهنا يتساءل باستنكار (أين الساسة الحقيقيون على عهد مصطفى وفريد؟) وخلال القصة نلاحظ أن اسم مصطفى كامل كثيرا ردد على لسان البطل وهذا من باب الذكريات والتأكيد على أن البطل يعيش الماضي بوقت الحاضر.

حاول الشيخ أن يخفف من وحدته وأن يبني علاقة مع القطة، ولكن ورغم أن القطة استأنست به وكانت هي بمثابة النور الوحيد الذي يراه في هذا المنزل ولكن توتو لم يدع لتلك العلاقة أن تنمو ونسمع محمد الرشيدي يقول: (هذا الطفل العزيز مزعج وقاس، من للقطة المسكينة!).
على مدار القصة نرى أن البطل بحالة استرجاع فني وهذا يعمق من مأساة الشخصية ويؤكد لنا حالة الوحدة والعزلة التي يعيشها محمد الرشيدي رغم وجود الناس من حوله فنراه يتذكر مواقع محدودة في القاهرة مثل قهوة (ماتاتيا).

كما وأنه يتذكر شخصيات عاصرته وكل منها ذهب إلى الحياة الأخرى (قضى الله أن يشيعهم واحدا بعد آخر وأن يبكيهم جميعا).

كما وأن البطل يستعيد أحداث الماضي يتذكر ليلة شم النسيم من عام 1930 حين أحيل على المعاش وكيف سهر تلك الليلة في مسرح الأزيكية وكيف كان يمضي أوقاتا في القناطر الخيرية بل ولشدة الوحدة التي يعاني منها نراه يتذكر أبسط التفاصيل، مثال: (وليلتها شرب من الكونياك حتى كل وهو يطرب للصوت المنشد يا عشرة الماضي الجميل).

وكل هذا من شأنه أن يجعل المتلقي يتعاطف مع هذه المأساة الإنسانية.
أما نهاية القصة فنرى الأفكار تتخالط في رأس محمد الرشيدي فمن حفلة التأيين إلى كلام لا يذكره إلى مواء القطط، بكاء الأطفال ونام وهو متأكد أنه (سيظفر بالذكريات جميعا).

الخصائص الأسلوبية:

1- اللغة في القصة:

اللغة الفصحى هي الطاغية، ولكن لا تخلو من العامية، وخصوصا كلمات من اللهجة المصرية، مثال: (الأوتوبيس، الترابيزات) وحتى العنوان نفسه استخدم كلمة (قهوة) وهي ليست فصحى.
وهذا الاستخدام جاء كي يقرب القصة إلى الواقعية.

2- اللهجة في القصة:

جاءت متزنة، وقد نرى بعض المصطلحات التي تؤكد الجانب التراجيدي، مثل (يتنهد بصوت مسموع بتأوه).

3- الراوي في القصة:

مشرف كلي على الحدث فنرى أن ضمير الغائب هو السائد، مثال: (إنتحب باكيا).
وأحيانا نجد ضمير المتكلم بشكل أفكار داخلية يحياها البطل مثل (أنا الآن وحدي بلا رفيق).

4- المكان في القصة:

حدد الكاتب في القصة أماكن معروفة وشخصيات مشهورة، مثل: مصطفى كامل، محمد فريد، حافظ إبراهيم.
وجاء ذكر هذه الأماكن والشخصيات لتأكيد الواقعية.
فالقارىء هنا يستطيع أن يعايش البطل بواقعه المكاني والزماني.
الأمر الذي يدفعنا أن نتحد معه بعاطفتنا الإنسانية والتعاطف مع قضية الإغتراب والوحدة عند المسنين.

5- الرمزية:

عنوان القصة (القهوة الخالية) يحمل معان رمزية تكشفها لنا إحدى الفقرات فنرى محمد الرشيدي يقول: (ما بال القهوة خالية؟).
علما بأنها لم تكن كذلك ولكن الرمز هنا واضح، فهي بعبنبه خالية، لأنه لا يجد أبناء جيله حوله.

6- الخاتمة في القصة:

مشوشة وهذا التشويش عبر عنه قائلا: (طول العمر لعنة)، البطل ينام ويصحو على ذات المأساة فبحثه عن رفيق لن ينتهي إلا بالموت.
القصة تعبر عن حالة اجتماعية يعيشها المسن وهي حالة الملل، الوحدة، الإغتراب والشعور بالذنب.