الترفع عن الهجاء في الشعر الجاهلي:
قد يترفع الشاعر الجاهلي عن الهجاء، صونا للكرامة، وحفظا لأواصر القربى، ففي يوم حوزة الأول، طلبت بنو سليم من صخر بن عمر بن الشريد السلمي أن يهجو بني غطفان، فرفض قائلا: ما بيني وبينهم أقذع من الهجاء، ولولم أمسك عن هجائهم إلا صونا لنفسي عن الخنا لفعلت، ثم قال:
وعاذلـة هبـت بليـل تلومني
وعاذلـة هبـت بليـل تلومني
ألا لا تلوميني كفى اللوم ما بيا
تقول: ألا تهجو فوارس هاشـم
تقول: ألا تهجو فوارس هاشـم
ومالي أن أهجوهم ثم ما ليـا
أبى الشتم أنى إن أصابوا كريمتي
أبى الشتم أنى إن أصابوا كريمتي
وأن ليس إهداء الخنا من شماليا
هجاء تميم بن مقبل للأعور بن براء:
ونرى تميم بن مقبل يترفع عن هجاء الأعور بن براء، لأنه لم يكن هجاء وكان عاقلا رزينا، فقد هجا الأعور بني كعب، فأتوا ابن مقبل ينتصرون عليه به. فقال: لا أهجوهم، ولكني أقول، فارووا فقد جاءكم الشعر، وقال:ولست وإن شاحنت بعض عشيرتي
لأذكر ما الكهل الكلابي ذاكر
فكـم لـي من أم لعبـت بثديهـا
فكـم لـي من أم لعبـت بثديهـا
كلابية عادت عليها الأواصر
تعنيف بني كعب للأعور بن براء:
فأتت الأعور بن براء بنو كعب، فعنفوه، ورجعوا عليه، فقال:ولست بشاتم كعبا ولكن
على كعب وشاعرها السلام
ولست ببائع قوما بقوم
ولست ببائع قوما بقوم
هم الأنف المقدم والسنام
وكائن في المعاشر من قبيل
وكائن في المعاشر من قبيل
أخوهم فوقـهم وهـم كرام