بختيشوع بن جورجيوس.. أتى إلى بغداد أيام هارون الرشيد وعينه رئيساً للأطباء وأجزل له العطاء



بختيشوع بن جورجيوس:
درس الطب على يد أبيه في مدرسة جنديسابور, وقد طلب الخليفة المنصور من والده جورجيوس أن يجلبه إلى بغداد فرفض الأب وقال للخليفة بأن بيمارستان جنديسابور بحاجة إليه وسيفسد الأمر من دونه.
كان ماهراً في الطب كأبيه, أتى إلى بغداد أيام هارون الرشيد وعينه رئيساً للأطباء وأجزل له العطاء.
(ولما كان في سنة إحدى وسبعين ومائة، مرض هارون الرشيد من صداع لحقه، فقال ليحيى بن خالد هؤلاء الأطباء ليس يحسنون شيئاً فقال له يحيى يا أمير المؤمنين، أبو قريش طبيب والدك ووالدتك، فقال ليس هو بصيراً بالطب، إنما كرامتي له لقديم حرمته، فينبغي أن تطلب لي طبيباً ماهراً، فقال له يحيى بن خالد أنه لما مرض أخوك موسى، أرسل والدك إلى جندي سابور حتى حضر رجلاً يعرف ببختيشوع، قال له فكيف تركه يمضي؟ فقال لما رأى عيسى أبا قريش، ووالدتك يحسدانه اذن له في الإنصراف إلى بلده، فقال له أرسل بالبريد حتى يحملوه إن كان حياً، ولما كان بعد مدة مديدة وافى بختيشوع الكبير بن جورجس، ووصل إلى هارون الرشيد ودعا له بالعربية وبالفارسية، فضحك الخليفة، وقال ليحيى بن خالد أنت منطقي فتكلم معه حتى أسمع كلامه، فقال له يحيى بل ندعو بالأطباء، فدعى بهم، وهم أبو قريش عيسى، وعبد اللَّه الطيفوري، وداود بن سرابيون، وسرجس، فلما رأوا يختيشوع قال أبو قريش يا أمير المؤمنين ليس في الجماعة من يقدر على الكلام مع هذا، لأنه كون الكلام هو وأبوه وجنسه فلاسفة فقال الرشيد لبعض الخدم أحضره ماء دابةٍ حتى نجربه فمضى الخادم وأحضره قارورة الماء، فلما رآه قال يا أمير المؤمنين ليس هذا بول إنسان، قال له أبو قريش كذبت هذا ماء حظية الخليفة، فقال له بختيشوع لك أقول أيها الشيخ الكريم لم يبل هذا الإنسان البتة، وإن كان الأمر على ما قلت فلعلها صارت قديمة، فقال له الخليفة من أين علمت أنه ليس ببول إنسان؟ قال له بختيشوع لأنه ليس له قوام بول الناس، ولا لونه ولا ريحه، قال له الخليفة بين يدي من قرأت؟ قال له قدام أبي جورجس قرأت، قال له الأطباء أبوه كان اسمه جورجس، ولم يكن مثله في زمانه، وكان يكرمه أبو جعفر المنصور إكراماً شديداً، ثم التفت الخليفة إلى بختيشوع فقال له ما ترى أن نطعم صاحب هذا الماء؟ فقال شعيراً جيداً، فضحك الرشيد ضحكاً شديداً، وأمر فخلع عليه خلعة حسنة جليلة، ووهب له مالاً وافراً، وقال بختيشوع يكون رئيس الأطباء كلهم، وله يسمعون ويطيعون، ولبختيشوع بن جرجس من الكتب كناش مختصر، كتاب التذكرة ألفه لابنه جبرائيل).