علي بن عيسى الكحال.. من أهم أطباء العيون في التاريخ. التقسيم التشريحي للعين. أمراض الأجفان. أمراض جهاز الدمع. أمراض الملتحمة. القزحية والقرنية



علي بن عيسى الكحال:
ولد في بغداد في النصف الأول من القرن العاشر الميلادي (940-1009م) (329-400هـ)(85) -مسيحي- وهام جداً أن نميزه عن عيسى بن علي طبيب البلاط عند الخليفة المعتمد, حيث يخلط المؤلفون بينهما كثيراً.
كان طبيباً ماهراً وواحد من أهم أطباء العيون في التاريخ, اتبع اسلوباً مميزاً في تدريس طب العيون بادئاً بالتقسيم التشريحي للعين ثم تطرق إلى أمراض الأجفان ثم إلى أمراض جهاز الدمع فأمراض الملتحمة ثم القزحية والقرنية بينما كان المؤلفون قبله يتحدون عن العين جملة واحدة دون تصنيفها.
ليس هذا فحسب بل اتبع اسلوباً مميزاً في دراسة كل مرض على حدا مبتدئاً بتعريف المرض ثم ينتقل إلى تعداد أسبابه وتفسير آلياته ثم إلى ذكر العلامات وأخيرا العلاج.
أما كتب الأقدمين فكانت تتحدث عن أسباب الأمراض ثم علاماتها في فصل وتترك المعالجة إلى فصل أخر.
وأهمية هذا الأسلوب أنه يشبع كل مرض دراسة.
أطلق على كتابه هذا اسم تذكرة الكحالين. وقد ألف حوالي اثنان وثلاثون كتاباً.
تذكرة الكحالين : من أهم الكتب الطبية في التاريخ وذلك لسببين:
الأول: لأسلوبه الجديد المميز والمبتكر في تناول الأمراض.
الثاني: لأنه من أوائل الكتب الطبية التخصصية في أمراض العيون.
كتب هذا الكتاب في النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي, اعتمد في كتابه هذا على معلومات الأقدمين خاصة اليونان لكنه أضاف معلومات عديدة عليهم خاصة في مجال إجراء العمليات مع العديد الملاحظات الشخصية.
ترجم مرتين إلى اللغة اللاتينية, مرة في منتصف القرن الثامن عشر ومرة ثانية في منتصف القرن التاسع عشر, وترجم أيضاً إلى العبرية والفارسية والتركية.
يصف هذا الكتاب مئة وثلاثون مرضاً من أمراض العين, ولا يزال محفوظاً بشكله الكامل في العديد من مكتبات العالم كدمشق (المكتبة الظاهرية), بيروت (مكتبة د. سامي حداد), الرياض (جامعة الرياض)...
وقد طبع ونشر بواسطة وزارة المعارف العثمانية سنة 1964 م بعد أن قام بتحقيقه الأستاذ غوث القادري ثم قام بترجمته إلى الألمانية  الأستاذ هبرشبرغ.
وصف الكتاب: يتألف الكتاب من ثلاث مقالات موزعة على مئة واثنان وعشرون فصلاً (باباً):
المقالة الأولى:
تتألف من إحدى وعشرون باباً مخصصة لتشريح العين وتركيبها ووظائفها:
الباب الأول والثاني والثالث تحدث فيه عن حد العين ومنفعتها وفعلها وطبعها ومزاجها.
الباب الرابع والخامس يذكر أسباب كحل العين وازرقاقها.
وفي الباب السادس والسابع يذكر طبقات العين ورطوباتها وأعصابها وعضلاتها.
الباب الثامن والتاسع يتكلم عن الرطوبتين الجلدية والزجاجية وأفعالها ومنافعها.
أما الأبواب العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر تبين أقسام العين وطبقاتها بالتفصيل حيث تحدث عن الطبقة الشبكية والطبقة المشيمية ومنافعهما ومن أين نباتهما – والطبقات: الصلبة والعنكبوتية والبيضية والعنبية والقرنية والملتحمة.
كما أنه قد شرح بالتفصيل عضلات العين وعددها ومواضعها في الباب الثامن عشر.
وتحدث عن العصب النوري وكيف يكون منشأه وأمر العصب المحرك ومنشأه في الباب التاسع عشر.
أما في الباب العشرون فشرح فيه ابتداء الروح النفساني وكيفية تولده وكيف يكون به البصر.
ويتحدث في الباب الحادي والعشرون عن الأشعار والأجفان ومنفعتها.
المقالة الثانية:
وتتألف من ثلاثة وسبعون باباً يتحدث فيها عن أمراض العين الظاهرة للحس مع ذكر أسباب كل مرض وعلاماته وعلاجه.
فيذكر في البابين الأول والثاني الدساتير والقوانين التي يجب على الطبيب إتباعها أثناء علاجه لأمراض العين.
أما في بقية الأبواب فيصف فيها أمراض العين الظاهرة, أسباب كل مرض وعلاماته وعلاجه مبتدأً بأمراض الأجفان والأهداب, ثم أمراض جهاز الدمع فأمراض الملتحمة ثم القرنية فالقزحية.
المقالة الثالثة:
وهي أقصر المقالات, وتتألف من سبعة عشرين باباً, يتحدث فيها عن أمراض العين الخفية عن الحس وأسبابها وعلاماتها وعلاجها.
الخيالات وأنواعها والتفريق بينها.
أمراض رطوبات وطبقات العين البيضية والجليدية والعنكبوتية والزجاجية والشبكية والمشيمية والصلبة وعلاجها, رطوبة رطوبة وطبقة طبقة.
أمراض العصب البصري والعصب المحرك وأمراض عضلات العين والحول.
اضطرابات الرؤية وضعف البصر.
الصداع والشقيقة وسل الشريان الصدغي.
ويترك الباب الأخير للتحدث عن الأدوية المفردة المستخدمة علاج أمراض العين مرتبة وفق حروف الهجاء, مع ذكر مئة وثلاثة وأربعون عقاراً للعلاج.
ومن أهم إبداعات هذا الرجل وصفه لالتهاب الشريان الصدغي والقحفي, ولاحظ العلاقة بين الشرايين الملتهبة واضطراب الرؤية في مرض الشقيقة, ووصفه لطريقة سل الشريان الصدغي.