سميح ناطور: الشاعر والموسوعي من دالية الكرمل.. مسيرة فكرية تمزج بين الإبداع الشعري وعمق البحث المعرفي

سميح ناطور: شاعر وموسوعي من دالية الكرمل

يُعد سميح ناطور شخصية ثقافية بارزة، جمع بين رهافة الحس الشعري وعمق البحث الموسوعي. وُلد ناطور في قرية دالية الكرمل بفلسطين عام 1946، وهي قرية ذات تاريخ عريق وحضور ثقافي مميز. هذا المولد في بيئة فلسطينية أصيلة كان له بلا شك أثره في تكوينه الفكري والإبداعي.


المسيرة التعليمية والاهتمامات المبكرة

بعد إنهاء دراسته الثانوية، تابع سميح ناطور تعليمه العالي في الجامعة العبرية بالقدس. اختار تخصصات تعكس اهتماماته الواسعة ووعيه بالقضايا المحيطة به، فدرس العلوم السياسية والتاريخ العام. هذه الخلفية الأكاديمية المتينة منحت ناطور منظورًا تحليليًا عميقًا للعالم من حوله، وأثرت بشكل واضح في مسيرته كباحث ومؤلف.

منذ بداية مسيرته، أظهر ناطور شغفًا كبيرًا بكتابة الشعر. لم تكن هذه الكتابة مجرد هواية عابرة، بل كانت جزءًا أصيلًا من تكوينه، حيث نشر العديد من قصائده في الصحف والمجلات المحلية، مما أكسبه حضورًا في الساحة الأدبية. ومع ذلك، لم يقتصر اهتمامه على الشعر، بل غلب عليه طابع البحث والتأليف في المجالات المعرفية الشاملة، خصوصًا ما يتعلق بـالموسوعات والقواميس. هذا الاهتمام بالموسوعات يعكس رغبة عميقة في تجميع المعرفة وتبويبها وتقديمها بشكل منظم وميسر للقارئ، مما يدل على روح الباحث الموسوعي لديه.


ريادة في النشر: تأسيس مكتب الطليعة

في خطوة جريئة ومهمة، قام سميح ناطور في عام 1975 بتأسيس مكتب (الطليعة) للصحافة والنشر. لم يكن هذا المكتب مجرد مشروع تجاري، بل كان منصة تهدف إلى دعم المحتوى الثقافي والأدبي والعلمي، وتوفير قنوات للنشر في ظل ظروف سياسية وثقافية معقدة. أسهم هذا المكتب في إثراء المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي، وكان له دور في نشر أعماله وأعمال غيره، مما يعكس ريادته والتزامه بالعمل الثقافي المؤسسي.


إسهاماته الموسوعية البارزة

ترك سميح ناطور بصمة واضحة في مجال التأليف الموسوعي، حيث أصدر عدة أعمال ضخمة ومهمة تدل على سعة اطلاعه وجهده البحثي المتميز:

  • (العالم العجيب) - موسوعة في 4 أجزاء (1974 – 1979): هذا العمل الضخم يُظهر اهتمام ناطور بالظواهر الغريبة والغامضة أو غير المألوفة في الكون، ويقدمها في قالب موسوعي يثري المعرفة العامة.
  • (الموارد) - موسوعة في 4 أجزاء (1976 – 1980): يعكس هذا العمل اهتمامًا بمصادر المعرفة أو الموارد الطبيعية والبشرية، وربما يتناول جوانب متنوعة تتعلق بالموارد في مجالات مختلفة، مما يجعله مرجعًا قيمًا.
  • (الألفيات) - موسوعة في 10 أجزاء (1979 – 1980): تُعد هذه الموسوعة الضخمة دليلًا على همة ناطور العالية في التأليف والبحث. اسم "الألفيات" قد يشير إلى معالجة مواضيع تتسم بالشمولية والتعداد الكبير، أو ربما تعنى الأعمال التي صدرت في بداية كل ألفية زمنية، أو حتى القضايا التي تمتد عبر آلاف السنين.
  • (قاموس الجيب) عبري - عربي (1980): يعكس هذا القاموس العملي والحيوي حاجة ملحة في سياقه الثقافي واللغوي. تأليف قاموس يربط بين اللغتين العبرية والعربية يدل على فهم ناطور لأهمية التواصل الثقافي واللغوي في بيئة متعددة اللغات، ويسهم في تيسير الفهم المتبادل.

إن مجمل أعمال سميح ناطور تُبرز التزامه بنشر المعرفة وتوثيقها، وتُؤكد على مكانته كقامة ثقافية جمعت بين الإبداع الشعري والجدية البحثية الموسوعية، مسهمًا بذلك في إثراء المكتبة العربية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال