الأدب عند ويليامز جرينبلات "مؤسسة ثقافية واجتماعية" تشكل وعى جيل معين فى حقبة معينة، وهذا الوعى يشكل استجابته للظروف المتغيرة من حوله فى شكل أبنية إحساس Structure of feeling تعبر عن وعى عام لجيل بعينه فى حقبة تاريخية بعينها، بناء على تجربة أو تجارب مشتركة تتجاوز الوعى الخاص بطبقة أو فئة ما، كما تتجاوز الأفكار والأيديولوجيات السائدة فى المجتمع.
وهي لا تسعى إلى تكوين عقائد أو أيديولوجيات، وإنما تجد نفسها فى صدام مع كل القيم المستقرة والجامدة، لكى تتفق أو تختلف معها أو مع غيرها من القيم، أو لكي يتأسس منها أو من امتزاجها مع نقائضها أفكار، ابنية وقيم جديدة.
وليس المقصود ببنية المشاعر أو أبنية الإحساس تلك المشاعر الطبيعية أو الفطرية ولكنها البنى والتراكيب الأصلية المحددة اجتماعياً وتاريخياً والتى تنبثق عن تلك المشاعر.
ان مفهوم أبنية الإحساس – كما يؤكد ويليامز - يتميز بمرونة ارتباطه بكل من: البناء الموضوعى والاجتماعي (الخارجي) والإحساس الذاتى (الداخلى)، مبيناً كيف تعاش التجربة الشخصية، وتحس الانفعالات الذاتية والمعاني والقيم وكيف يتم تشكلها فى الفكر والوعى لكى تتخذ شكلاً اجتماعياً، وتتجسد فى ممارسات ونصوص يمكن ملاحظتها أو تلقيها بالحواس.
ومن خلال تعريف "ويليامز" يمكن القول إن الأدب نمو منظم للمشاعر حتى تؤدي تلك المشاعر دورها فى وضع خطة متكاملة وبرنامج واعٍ للطريقة التى يجب أن تكون عليها الثقافة ويقوم عليها المجتمع، ذلك لأن أبنية الإحساس إنما هى عمليات إبداع تتشكل وتشكل العالم من حولها حيث تتخذ مسارات معارضة للأشكال الثابتة، وتتبنى رؤى مضادة للرؤى المستقرة.
فإذا كان الأدب مؤسسة ذات أعراف وقوانين وليس مجرد تعبير فهو أيضاً تمثيل للحالة التى ينبغى أن يكون عليها المجتمع وثقافته من ناحية، وتجسيد لتلك الحالة من ناحية أخرى.
التسميات
نقد ثقافي
