التحليل البديعي والبياني للمقامة المجاعية لبديع الزمان الهمذاني



التحليل البديعي والبياني للمقامة المجاعية:

مقدمة:

تُعدّ المقامة المجاعية من أشهر مقامات الهمذاني، حيث تتميز بسياقها الفكاهي وغناها البديعي والبياني. وسنقوم في هذا التحليل بدراسة بعض الأمثلة على البديع والبيان في المقامة.

1- البديع:

- الجناس:

  • جناس غير تام: "مجاعة" و"جماعة" (في جملة "كنت ببغداد عام مجاعة، فملتُ إلى جماعة").
  • جناس تام: "مجيد" و"جيد" (في جملة "ومطرب مجيد، له من الغزل عين وجيد").

- السجع:

  • استخدام الفاء المتكررة في جملة "فما تقول في رغيف، على خوان نظيف، وبقل قطيف إلى خل ثقيف، ولون لطيف، إلى خردل حريف، وشواء صفيف، إلى ملح خفيف" (لإظهار البراعة اللغوية).
  • استخدام السجع في جمل متعددة مثل "فما قولك في لحم طري، وسمك نهري، وباذنجان مقلي، وراح قطربلي، وتفاح جني، ومضجع وطي، على مكان علي، حذاء نهر جرار وحوض ثرثار" (دون إضرار بالمعنى).

- المقابلة:

مقابلة "فقير" و"غريب" (في جملة "قلت: حالان لا يفلح صاحبهما: فقير كده الجوع، وغريب لا يمكنه الرجوع").

- التكرار:

تكرار كلمة "في" في جملة "فما تقول في رغيف، على خوان نظيف، وبقل قطيف إلى خل ثقيف، ولون لطيف، إلى خردل حريف، وشواء صفيف، إلى ملح خفيف" (للتأكيد على أهمية الطعام).

2- البيان:

- الاستعارة:

  • تشبيه الجوع والغربة بثُلْمتين في راحة المصاب بهما وفي قوته (في جملة "أيَّ الثُّلْمَتَيْنِ تُقَدِّم سَدَّها").
  • تشبيه الخمر بالذهب المذاب (في جملة "ثم يعلك بعد ذلك بأقداح ذهبية، من راح عنبية").
  • تشبيه الحوض بالإنسان (في جملة "وحوض ثرثار").

- الكناية:

  • كناية عن حبه الشديد للطعام من خلال قوله "أنا عبد الثلاثة، وأنا خادمها" (يقصد: أكل الغذاء الأول، ثم حضور المجلس الثاني، ثم إذا هضم الأكل الأول عاد إلى المجلس الثالث ثم نام).
  • كناية عن عدم تحقق شهواته من خلال قوله "لا حياك الله أحييت شهواتٍ كان اليأسُ أماتها، ثم قبضتَ لهاتَها" (فكأن الشهوة الحية تفتح اللهاة، وعندما تموت الشهوة يُغلق الفم ولا تعود اللهاة تظهر).

- التشبيه البليغ:

تشبيه المطرب بعين وجيد من الغزل (في جملة "ومطرب مجيد، له من الغزل عين وجيد").

- الاستعارة المكنية:

  • جعل اليأس قادراً على الإماتة (في جملة "أماتها اليأس").
  • جعل الحوض يثرثر لأنه تصدر عنه أصوات متواصلة (في جملة "وحوض ثرثار").

خاتمة:

تُظهر المقامة المجاعية براعة الهمذاني في استخدام البديع والبيان، حيث وظّف هذه الأساليب لخدمة المعنى وإثراء النصّ وإضفاء الجمال عليه.