الخصائص الهيدروجيولوجية لمنطقة البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء
تتميز منطقة البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء بتكوين جيولوجي فريد يؤثر بشكل مباشر على مواردها المائية. تُعرف هذه المنطقة بانتشار واسع لصخور الركيزة البلورية التي تُشكل جزءًا كبيرًا من تضاريسها، وتمتد على طول ساحل البحر الأحمر. على الرغم من أن هذه الصخور صلبة وقليلة المسامية، مما يجعلها فقيرة بالمياه الجوفية بشكل عام، إلا أن المياه يمكن أن تتواجد وتتجمع في مناطق محددة، مثل التكسرات، والشقوق، ومناطق التعرية، ومجاري الأودية، حيث تُشكل تجمعات مائية محدودة.
الطبقات المائية الرئيسية والمخزون الجوفي:
على الرغم من فقر صخور الركيزة، تحتوي المنطقة على طبقات مائية أخرى أكثر أهمية:
1. الطبقة المائية الرباعية اللحقية (Quaternary Aquifer):
تُعد هذه الطبقة من أهم الطبقات المائية بالمنطقة، حيث تُشكل المصدر الرئيسي للمياه الجوفية في العديد من الأماكن. تعتمد تغذيتها بشكل أساسي على مياه الجريان السطحي التي تتسرب إلى باطن الأرض. تتسم مياهها بملوحة تتراوح بين 7 إلى 7.5 غرام/لتر، وهي ملوحة مرتفعة نسبيًا مقارنة بالمياه العذبة، ولكنها قابلة للاستخدام في بعض الأغراض.
2. طبقة وادي القاع (غرب سيناء):
في منطقة وادي القاع بغرب سيناء، توجد طبقة مائية ذات خصائص ممتازة. تتجاوز سماكتها 100 متر، وتتغذى بشكل كبير من المياه السطحية. يُمكن الوصول إلى المياه فيها على عمق يصل إلى 70 مترًا في الطبقة الحرة، مما يجعلها سهلة الاستخراج نسبيًا. والأهم من ذلك، فإن ملوحتها منخفضة جدًا، حيث تصل إلى 1.5 غرام/لتر فقط، مما يجعلها صالحة للاستخدام البشري والزراعي.
3. طبقة الحجر الرملي النوبي (Nubian Sandstone Aquifer):
تعتبر هذه الطبقة من أهم وأكبر الخزانات الجوفية في شبه جزيرة سيناء والمنطقة المحيطة بها. تتميز بقدرتها على توفير تدفق ذاتي لبعض الآبار، مما يُقلل من الحاجة إلى ضخ المياه. يقع المنسوب البيزومتري (منسوب سطح الماء الجوفي) في بعض الآبار على عمق يصل إلى 120 مترًا، وتتراوح ملوحة المياه فيها بين 1 و10 غرام/لتر، مما يُشير إلى تباين جودتها.
- مصادر التغذية والمخزون: تُغذى هذه الطبقة بشكل رئيسي من خلال تكشفات الحجر الرملي النوبي في كل من سيناء والصحراء الشرقية. يُقدّر المخزون الهائل لهذه الطبقة بحوالي 100 مليار متر مكعب، مما يجعلها كنزًا استراتيجيًا للمياه.
- طبيعة المياه وحركتها: غالبية المياه في هذه الطبقة تُعتبر مياهًا أحفورية، أي أنها تجمعت في عصور جيولوجية قديمة. ومع ذلك، لا يُستبعد وجود تغذية إضافية من مياه الأمطار، خاصة في جنوب سيناء حيث يصل معدل الهطول إلى 100 ملم/سنة. تتحرك المياه الجوفية في هذه الطبقة بشكل عام نحو الشمال، ويتم تصريفها طبيعيًا عبر ينابيع مثل عيون موسى وبعض الأودية مثل وادي عربة.
تغيرات المنسوب البيزومتري والملوحة:
يُظهر المنسوب البيزومتري للمياه الجوفية في سيناء تباينًا ملحوظًا. ففي وسط شبه الجزيرة، يقع على عمق حوالي 200 متر، بينما يتناقص بشكل تدريجي نحو الشمال ليصل إلى 100 متر، مما يشير إلى قرب المياه من السطح في المناطق الشمالية.
كذلك، تتغير الملوحة بشكل كبير. ففي وسط وجنوب سيناء، تكون الملوحة منخفضة نسبيًا (حوالي 1.5 غرام/لتر)، بينما تزداد الملوحة بشكل ملحوظ كلما اتجهنا شمالًا وغربًا، لتتجاوز 5 غرامات/لتر. يُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها القرب من مياه البحر، وازدياد معدلات التبخر، وتأثير التكوينات الصخرية المالحة.
