الشاه عباس والتظاهر بالرحمة وحب الانسان.. يبكي بشدة للدلالة على استحيائه من الناس ويذرف الدموع في العزاء وهو يضرب على رأسه وعلى صدره من شدة التأثر

كان “ الشاه عباس “ وعلى الرغم من كل الغلظة والقساوة وحب سفك الدماء يتظاهر بالرحمة وحب الناس . فتراه تارة يبكي بشدة للدلالة على استحيائه من الناس وتارة اخرى تراه يذرف الدموع في العزاء وهو يضرب على رأسه وعلى صدره من شدة التأثر.
فقد كان يبدو للناس انه يعيش حياة بسيطة جدا وبلا تكلف ولا يعنى بالزينة الملوكية ولا يابه بها.
وفي الافراح كان يتمالك نفسه فلا يتكبر. فكان يبدو للناس ودودا غير متكبر، ويقف ليحادث الناس العاديين في الازقة والاسواق ليظهر عدم اعتنائه بمقام السلطنة ، الا انه كان يبطن في داخله نفسا تواقة الى الدم والقتل اذ كان لا يألو جهداً في فعل اي شيء للحفاظ على عرشه ولم يكن يتورع عن قتل وتسميل حتى عددٍ من احفاده وابنائه وفي هذا الصدد قتل ابنه الكبير المدعو "صفي ميرزا" لاقل شبهة وسوء ظن وقام بتسميل عيون اثنين من ابناءه الاخرين بدون ان يراوده التردد او ينبض قلبه بالرحمة الأبوية!.
وكان يقوم بقتل الناس الابرياء ودونما سبب لمجرّد انه كان يريد اطفاء نار غضبه الثائر ، يحكى ان افغانيا اتى من كابل وبعد وصوله الى منطقة مازندران ومن شدة التعب راح في نوم عميق خارج مدينة " اشرف "  مستلقيا على الأرض ومن سوء حظ هذا الشخص ان الشاه مع حاشيته كانوا يقومون بنزهة صيد في المنطقة نفسها وما ان يقترب فرس الشاه من الشخص الافغاني النائم حتى يقوم بتجنبه بصورة مفاجئة فيغضب الشاه لحركة الفرس المفاجئة فيخرج سهمه ويطلقه مستهدفا قلب هذا الشخص الفقير فيرديه قتيلا وقد لفظ الشخص المسكين انفاسه والشاه ينظر اليه ضاحكا انه قد قام بارساله الى نوم طويل لا يقوم من بعده ، ويقوم حاشيته ومن اجل التملق باطلاق سهم الى الضحية لابراز الطاعة العمياء الى الشاه وارضائه حيث يمتلأ جسد الشخص بالسهام .
 لم يكن “ الشاه عباس “ ليتحمل شخصا آخر يمتلك القدرة والقوة في البلاد غيره . واذا ما برز اسم احد القواد واشتهر بين الناس بالرجولة والقوة ما يلبث الشاه ان يقضي عليه بعذر او بغير عذر وخشية ان يثور عليه اتباع ذلك الشخص يقوم بالقضاء  عليهم وبقسوة بالغة .
ففي سنة 997هـ قام بقتل مرشد علي خان استاجلو وخشية ان يثور عليه اقرباء المقتول قام بقتلهم ايضا وبدون اي ذنب ، وقد قتل ابراهيم خان استاجلو بحكم مشابه بدون اي ذنب وقتل منهم كّلاً من جاوشلو خان وفرهاد بيك خراساني على الرغم من خدماتهما الكبيرة للدولة ودون رحمة او أي اعتبار لتلك الخدمات .
وقد كان لجلادي “ الشاه عباس “ طرق مختلفة للتعذيب منها "تسميل العيون، قص الاذنين واللسان، نزع الجلود، حرق بالماء المغلي، قطع الاطراف، التقطيع، بقر البطون وضرب الرقاب، شوي الضحية، تعليق من الحلق، صب الزيت الحار في الفم .
بأمر من الشاه نفسه قام جلاّدوه وذلك بتاريخ 1020 بتسميل عيني رئيس المنجمين "جلال الدين محمد" وقطعوا اذنيه ولسانه  .
وفي سنة 1021هـ نزعوا جلد " كرم اسوار " في ميدان مدينة لاهيجان وملؤوا الجلد بالتبن وطافوا به في ارجاء الولاية  . 
  وفي ربيع الاول من سنة 999هـ قذف احد معارضيه في (قدر) كبير مملوء بالماء المغلي. وكان يجازي احيانا الكسبة مثل الخبازين وغيرهم بجرم غش المشترين .
يروي لنا تاورنيه هذه  الحادثة:
"ومن ثم امر ببناء تنور في وسط ميدان اصفهان واحضروا قضيب حديد كبير وبعد يوم جاؤوا بخباز وبائع كباب فطافوا بهما المدينة .
وكان يمشي امامهما شخص يصيح بان هذين الشخصين قد غّشا الناس ولذلك فسوف يجازيان بعمل كباب من لحمهما وبعد ذلك جيء بالخباز فرمي داخل التنور ومن ثم جعلوا القضيب داخل الشخص وشوي كالكباب  .  وكلما كان “ الشاه عباس “ يرغب بقتل شخص ما يأمر جلاديه ويخاطبهم باللغة التركية "يخشى سخله" "أي " "حافظوا عليه" هذه العبارة تعني اعدام الشخص وكان الجلادون يبادرون بسرعة لتنفيذ أمر الشاه   .
وقد كان “ الشاه عباس “ يجبر ضحاياه المسجونين بأكل قطع من اجسادهم.
وكان اقسى ما كان يتعرض له المذنبون هو رميهم امام الكلاب الوحشية المدربة لهذا العمل.
يكتب بي يترودلا واله حول هذه الكلاب الوحشية ما يلي:
"كانوا يدربون كلاباً كبيرة الحجم وخاصة لاكل وقطع اللحوم . هذه الوسيلة كانت تستعمل حسب القوانين السارية في البلد مع الاخذ بنظر الاعتبار نوع الذنب والمقام الاجتماعي للمذنبين (الجناة) وكانوا يتوسلون بهذا الاسلوب حين يحكم على المذنب بالاعدام "  .
وكان “ الشاه عباس “ على عكس هذا الهوس والطبع القاسي كان يتظاهر بالتدين الى درجة يكتب كاتبه  المدعو اسكندر بيك تركمان مايلي:
كان لا يغفل عن التوجه والاستقرار الروحي فمثلا عندما كان يتوجه للحضرة الربانية لعرض حاجاته كان يغوص في بحر الحضرة الالهية في اتمام وتسهيل اعمال الدولة وفي تمشية امور السلطنة والمملكة كان يتوسل الى الفأل ! وكان وقافا عند كتاب الله !! وكان وقافا عند المنهيات ولا يتجاوزها !! "  .
وقد كان “ الشاه عباس “ ومن اجل خداع الجنود كان "يتوضأ ويصلي ويطلب من الله النصر والتمكين".
وقد كان يلبس لباسا خاصا عند النزول في ارض المعركة مكتوبة عليه ايات قرآنية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال