النفوس تختلف وتتباين، ولكل نفس خصائصها المجبولة عليها، والمربي الفطن هو الذي يتعرف على خصائص النفوس المتربية، فيبني عليها ماهية التعامل والأسلوب المناسب لكل نفسية، ولا يكون ذلك إلا بالمعايشة والمخالطة مع المتربين؛ إذ يستطيع المربي معرفة تلك الخصائص، ومن ثَمَّ معرفة الأسلوب المناسب في التعامل مع تلك النفسيات، ولهذا شاهد من السيرة النبوية.
فعن عمرو بن تغلب (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أُتِيَ بمال أو سبي، فقسمه، فأعطى رجالاً، وترك رجالاً، فبلغه أن الذين ترك عتبوا، فحمد الله، ثم أثنى عليه، ثم قال: «أما بعد: فوالله! إني لأعطي الرجل وأدَعُ الرجل، والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي، ولكني إنما أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأَكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، منهم عمرو بن تغلب».
قال عمرو بن تغلب: «فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حمر النعم».
فتأمل نفاذ نظر الرسول (صلى الله عليه وسلم) في معرفة خصائص أتباعه، وتربية كل منهم بما يناسب فطرته وميوله ودوافعه الخاصة به.
وعلى ذلك فالمربي ملزم بمعرفة أتباعه وخصائصهم النفسية عن قرب؛ حتى يستطيع التعامل معهم والقيام بتربيتهم على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلا بمعايشتهم ومخالطتهم.
التسميات
معايشة تربوية