تعويد الرسول (ص) أصحابه على الاستنباط.. التربي على المنهج العلمي وعدم الوقوف عند حفظ المسائل المجردة أو الجمود على المتون والمختصرات والحواشي



سأل صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً، فقال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟" فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله -يعني ابن عمر-: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال:"هي النخلة" (رواه البخاري (61) ومسلم (2811)).
وجاء رجل ذات يوم فقال: رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها فالمستكثر والمستقل، وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء، فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل، فقال أبو بكر: يا رسول الله، بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اعبرها. قال: أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف، فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه، تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرْني يا رسول الله -بأبي أنت- أصبتُ أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أصبتَ بعضاً وأخطأتَ بعضاً" قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت، قال:"لا تقسم" (رواه البخاري (7046) ومسلم (2269) وانظر النظرية التربوية في طرق تدريس الحديث النبوي ليوسف).
وما أحوج الأمة في هذه المرحلة إلى التربي على المنهج العلمي، وعدم الوقوف عند حفظ المسائل المجردة، أو الجمود على المتون والمختصرات والحواشي.