توجد شبه قطيعة بين البحث العلمي وبين المؤسسة التربوية (الإدارة التعليمية)، وانعدام استثمار نتائج البحث العلمي التربوي، مع ندرة الدراسات المهتمة بتقويم برامج اللغة العربية.
هذا في الوقت الذي أكد فيه شومسكي على أن اللسانيات التي تهتم فقط بالنظام المعرفي اللغوي النفعي، ولا تهتم بالطريقة التي يتمُّ بها اكتساب هذا النظام، ستقـيِّد نفسها ضمن حدّين ضيقين، وستلغي من حقلها القضايا ذات الأهمية الكبرى، من أجل تحقيق أهدافها المحددة، والتي هي بلا شك ذات أهمية كبيرة بحد ذاتها.
وهذه القطيعة بين العلمي والتربوي هي التي تحول ربط كل التعديلات التي طالت برامج اللغة العربية بتصورات واضحة للأهداف منذ سنة 1951 بحيث ظلت التعديلات تتم بارتجال إلى حدود سنة 1985، حيث جاءت المحاولات التأسيسية -غير المدروسة - لنموذج التدريس بواسطة الأهداف.
وبعودة سريعة إلى مناهج وبرامج اللغة العربية بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي (وهي التي تعنينا الآن) نجد فعلا غياب هذا التصور الواضح لطبيعة اللغة، وللوضع اللغوي بالمغرب، وبالتالي للأهداف الواضحة من تعليم اللغة العربية.
ففي برنامج 1979 - مثلا - لم يتم التطرق إلى الوضع اللغوي ولا إلى طبيعة اللغة.
وتم التركيز في تدريسها على النص، باعتباره وحدة فكرية في الممارسة اللغوية عند الطفل، أما التعبير فكان يقصد به درس المحادثة آنذاك.
أما في سنة 1991 (امتداد لإصلاح 1985) فنجد منهاج الوزارة الأحادي لا يتطرق بتاتا للإشكالات التي يطرحها الوضع اللغوي بالمغرب، ولا يستحضر طبيعة اللغة، وبالتالي يعطي الأسبقية للقراءة على التعبير في مكونات اللغة وأهدافها الخاصة.
وبعد تحرير الكتاب المدرسي من الأحادية والإلزامية حصلت طفرة نوعية، حيث نجد الكتابين الرائجين الآن يستحضران الوضع اللغوي المتسم بالازدواج، و إن كانا يحصرانه في النسق الفصيح و العربية الدارجة، ويغفلان معا، وبشكل يدعو للاستغراب والتساؤل، المكوِّن الأمازيغي - بلهجاته - كلغة أمّ بالنسبة ل %40 من السكان في المغرب الذين يتحدثون بالأمازيغية كما توضح ذلك الموسوعة الإلكترونية ENCARTA.
وهو العنصر الذي جعل هذين الكتابين يقعان في انزلاقات منهجية، رغم التطور الحاصل في تصورهما لتدريس اللغة العربية، بالمقارنة مع فترة الأحادية و الإلزامية و الاحتكار.
وبالتالي لا بد للمنهاج أن يأخذ بعين الاعتبار الواقع اللغوي للبلاد، المتسم بعدة اختلالات ذكرنا بعضها سابقها، ومن ثمة نقترح الاستفادة من الإمكانات الهائلة التي يوفرها المسرح المدرسي.
التسميات
لسانيات
