التأمين والتعاون الافتراضي.. التأمين يفترض التعاون فيما بين المؤمن لهم الذين يهددهم خطر ذات طبيعة واحدة

الإنسان مدنى بطبعه فهو لا يستطيع العيش بمفرده بل يبحث – دائماً – عن أقرانه لكى يتعاون معهم في دفع المخاطر المشتركة التي يتعرضون لها. وعندما تعرض الإنسان لمخاطر متزايدة دفعه هذا إلى التفكير في التأمين لتفادى الآثار المالية المترتبة على تحقق هذه المخاطر.فالتأمين لا يؤدى إلى تفادى الكارثة وإنما يوزع آثارها على مجموع المؤمن لهم. وعمليات التأمين تفترض التعاون فيما بين المؤمن لهم الذين يهددهم خطر ذات طبيعة واحدة.
   ففي ضوء ما سبق يتضح أن التأمين عملية تعاونية يقوم بتنظيمها المؤمن عن طريق الحصول على أقساط دورية من المؤمن لهم،
على أن يقوم بدفع تعويض لمن تلحقه الخسارة منهم، من خلال ما يتجمع لديه من هذه الأقساط، فالمؤمن ليس مضارباً أو مقامراً أو مرابيا وإنما منظماً للعملية التأمينية التي تفترض التعاون بين المؤمن لهم.
   ولا جرم أن التعاون يعد ضرورياً لأداء التأمين لمهمته في المجتمع، عن طريق توزع المخاطر على أكبر عدد من الناس، وبث الطمأنينة في نفوس المؤمن لهم بضمان تغطية الخطر المؤمن منه .
   ويظهر التعاون جلياً في التأمين التعاوني حيث تذهب إرادة كل عضو فى الجماعة إلى تأمين كل منهم الآخر من تحقق الخطر الذى اتفقوا على ضمانه فيما بينهم. أما التأمين التجاري (بقسط ثابت) فلا يظهر التعاون واضحاً في العلاقة العقدية فيما بين المؤمن والمؤمن له، ومع ذلك فإنه يفترض بالنظر إلى تعدد العلاقات بين المؤمن والمؤمن لهم  لأن تغطية الخطر الذى يتعرض له أحدهم يتم من خلال الرصيد المشترك المكون من مجموع الأقساط التي قاموا بدفعها إلى المؤمن. على نحو يمكن القول معه بأن المؤمن يقوم بدور الوسيط في توزيع الأثر المالي المترتب على تحقق الخطر المؤمن منه بالنسبة لأحدهم على سائرهم .
  فالتأمين يقوم على فكرة تبادل المساهمة في تحمل الآثار المالية المترتبة على تحقق الخطر المؤمن منه، ولهذا فإن العملية التأمينية تقتضى تعدد المؤمن لهم وكثرتهم حتى يتسنى للمؤمن الوفاء بالتزاماته في مواجهة المؤمن لهم بالإضافة إلى تحقيق هامش ربح.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال