الميثاق الثلاثي.. إقامة منظمة دفاع وتعاون اقتصادي والاتصال بالحكومات العربية

عكست ردود الفعل العربية تجاه حلف بغداد خطأ السياسة البريطانية في المنطقة، لأن مصر وكل الأقطار العربية تقريباً رفضت المشروع البريطاني، بل سارعت سوريا نتيجة للضغوط التي مورست عليها من قبل بغداد ـ أنقرة ولندن بالدخول مع مصر في مشروع يهدف إلى عقد حلف عربي يعالج نقاط الضعف في معاهدة الدفاع المشترك ويقوم أساساً على توحيد الجيوش العربية وإنشاء قيادة عربية مشتركة وتوحيد السياسة الخارجية والشؤون الاقتصادية. مع التعهد بعدم الانضمام لأي حلف أجنبي. وقد تم التوقيع على التصريح المشترك في الثاني من شهر مارس 1955 وجاء فيه:
أولاً: عدم الانضمام إلى الحلف التركي أو أية أحلاف أخرى.
ثانياً: إقامة منظمة دفاع وتعاون اقتصادي.
ثالثاً: الاتصال بالحكومات العربية لعرض الأسس والمبادئ المذكورة في البيان. ودعوة الدول العربية للموافقة عليها والدعوة إلى عقد مؤتمر توضع فيه النصوص مع تفاصيلها لإقرارها وتنفيذها فور اعتمادها، على أن يعقد هذا المؤتمر خلال شهر مارس 1955م وأن يضم رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والدفاع الوطني والمالية والاقتصاد ورؤساء الأركان العامة.
وقد اتفق قادة البلدين على أن تكون الخطوة التالية، هي دعوة بقية الدول العربية للإتفاق على ما جاء في البيان. وكانت الرغبة تحذوهما في رؤية الأردن التي هي دولة من دول المواجهة وذات الموقع الاستراتيجي الهام، الدولة الثالثة في هذا الإتفاق. لذا توجه إليها كل من (خالد العظم) و (صلاح سالم) اللذين التقيا برئيس الوزراء الأردني آنذاك (توفيق أبو الهدى). وبعد دراسة الحكومة الأردنية للمشروع تبين لها أن هناك عقبة تحول دون انضمامها إليه والتي تتمثل في الإتفاقية البريطانية الأردنية.
إن هذا الإخفاق في الأردن لم يثن الوفدين (المصري ـ السوري) من الذهاب إلى المملكة العربية السعودية حيث لقيا ترحيباً كبيراً بالأسس الواردة في البيان (السوري ـ المصري). أعلنت الملكة العربية السعودية موافقتها على الانضمام إلى الإتفاق الذي أطلق عليه فيما بعد "الميثاق الثلاثي". وقد أقر الملك سعود مشروع الميثاق ووافق على جميع ما جاء في البيان المشترك (المصري ـ السوري) بدون تحفظ. وكان نص البيان: "عقد في الرياض اجتماع يوم السبت / 10 رجب 1374 الموافق "مارس 1955" حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية وحضره صاحب السمو الملكي الأمير فيصل رئيس الوزراء ووزير الخارجية السعودية والسيد خالد العظم وزير خارجية سوريا ووزير الدفاع الوطني بالوكالة والسيد الصاغ أركان حرب صلاح سلام وزير الإرشاد القومي المصري.
وقد عرض في هذا الاجتماع ما تم الإتفاق عليه بين الحكومتين المصرية والسورية في البيان المشترك الذي وقعته سوريا ومصر يوم 7 رجب 1374 الموافق 2 مارس 1955. وقد وافق حضرة صاحب الجلالة الملك سعود باسم المملكة العربية السعودية موافقة كاملة على جميع ما جاء في ذلك البيان المشترك بغير تحفظ وأبدى جلالته رغبته الشديدة في ضرورة الإسراع إلى عقد المؤتمر الذي دعا إليه البيان، تحقيقاً لأماني الأمة العربية وأهدافها.
لقد أثبت هذا الميثاق فشل السياسة البريطانية في الشرق الأوسط. ويأتي العدوان الثلاثي بعد حوالي سنة ونصف من التوقيع على هذا الميثاق ليثبت للعالم أجمع مدى الوهن الذي وصلت إليه القوة البريطانية. وكيف حاولت الولايات المتحدة الأمريكية تدارك التداعي الغربي في الشرق الأوسط؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال