الصلة بالله: المنهل الروحي لتحرير وتفعيل الطاقات الإنسانية الكامنة (الجسدية، والنفسية، والعقلية) وبناء الشخصية المتوازنة المنتجة

الصلة بالله وأثرها في الطاقات الإنسانية:

تُعدّ الصلة بالله أساسًا متينًا ومصدرًا لا ينضب للطاقة والقوة في حياة الإنسان، وهي ليست مجرد علاقة شكلية، بل هي جوهر العبادة ولب الحياة السعيدة المنتجة. إنها التعلق بالخالق والقيام بعبوديته، بما يشمل فعل الأوامر واجتناب النواهي وتحقيق التوحيد.


مفهوم الصلة بالله:

الصلة بالله هي:

  • انقطاع العبد عن الخلائق: توجه القلب الكلي لله تعالى، وقطع الأمل والرجاء إلا به.
  • القيام بعبودية الخالق: التزام طاعته وذكره والمداومة على عبادته، مثل الصلاة والصيام والدعاء.
  • الإخلاص: تجريد النية والقصد من كل ما يشوب صفاء العلاقة مع الله عز وجل، وهو أساس القوة وأصل النجاح في الجهد الإنساني.


أثر الصلة بالله في الطاقات الإنسانية:

تعمل الصلة بالله على تفعيل وتوجيه وتقوية الطاقات الإنسانية (الجسدية، العقلية، الروحية، والنفسية) نحو الخير والبناء:

1. تقوية الطاقة الروحية والنفسية:

  • الإحساس بالمعية والطمأنينة: معرفة أن الله محيط بكل شيء وبصير، يورث حلاوة القرب والسكون الداخلي، ويُجير الإنسان من القلق والخوف.
  • الشحن بالطاقة الإيجابية: العبادات كالصلاة والذكر والدعاء هي محطات ثابتة لشحن النفس بالمعنى والقيمة، وتساعد في مكافحة التوتر والضغوط النفسية، بل وتُحسن من وظائف الجسم الحيوية.
  • تكوين الشخصية المتوازنة: تُربي الصلة بالله النفس على مكارم الأخلاق مثل الصدق والتواضع والقناعة، وتُمكن الإنسان من ضبط نفسه وكظم غيظه، مما ينعكس على حسن سلوكه.

2. تحفيز الطاقة العقلية والفكرية:

  • الهداية والإبصار: الذكر والتفكر يفتح العقل والوجدان لتذوق حلاوة المعية، ويهدي الإنسان إلى جادة الصواب والمنهج القويم، مما يُساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة.
  • العلم والمعرفة: الاتصال بالله يُعلي من شأن التجدد النفسي الذي هو جوهر النهضة، ويجعل مبدأ التوحيد عاملاً حيًا في حياة البشر العقلية.

3. تعزيز القدرة على العمل والعطاء (الطاقة العملية):

  • مصدر للقوة والإعانة: لا يملك الإنسان قوة على الطاعة ولا تحمل على الابتعاد عن المعصية إلا بإعانة الله، فالصلة به تمنحه قدرة على الحياة في جميع دروبها.
  • إحياء البذل والإحسان: المتصلون بالله يكونون ملازمين لدعائه وسؤاله، ويكونون مُحسنين في بذل الإحسان لعباده، مما يحول طاقتهم إلى نشاط إيجابي متحرك.
  • الشجاعة والإقدام: من يلتجئ إلى الله لا يشعر بالخسارة أو الندم، بل يجد عزة وقناعة تجعله حراً في تصرفاته وأهدافه.


وسائل تقوية الصلة بالله:

هناك وسائل عملية لتوثيق هذه الصلة، ومن أهمها:

  • العبادات المفروضة: المداومة على الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها بإخلاص وخشوع (كما في قوله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ").
  • ذكر الله والدعاء: المداومة على الأذكار والدعاء، فهو تعبير صادق عن الارتباط والشوق إليه، ودليل الافتقار إليه تعالى.
  • تلاوة القرآن وتدبره: تلاوة كلام الله والاستماع إليه هبة من الكريم الوهاب تزيد المؤمن هدى وتقوى، وتُعين على ضبط النفس.

إن الصلة بالله هي المنبع الروحي المطلق لكل حياة، والولاء والإخلاص له يساوي ولاء الإنسان لطبيعته المثالية الخاصة، وهي التي تجعل طاقاته الإنسانية هائلة لا يقوم لها ند بإذن الله.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال