لا أقصد بـ"الإعاقة الفكرية" ذلك المفهوم الذي يشير إلى الخلل الذي يصيب أحد مكونات الجهاز العصبي فيترك أثرا بارزا يؤثر على سائر وظائف عناصر البنية الدماغية للفرد ككل، فهذا المفهوم لديه أناسه من أهل الاختصاص سواء في مجال الطب العقلي أو في مجال طب الأعصاب الذين قدموا مختلف الدراسات العلمية القيمة لمعرفته أحسن معرفة، ولكن أقصد به نلك الفعالية و ذلك النشاط اللذان يحاربان العقل و يساهمان، بشكل كبير، في طمس أو تدمير أطره الفكرية الخلاقة والمبدعة الحاثة على إعمال التفكير النقدي.
ومن أجل ذلك اقتضى التحديد المفهومي النظر إلى "الإعاقة الفكرية" على أنها مفهوم يعبر عن سيرورة ديناميكية متصاعدة في اتجاه مضاد، تماما، لاتجاه العقل وأطره الفكرية.
ومن أجل ذلك اقتضى التحديد المفهومي النظر إلى "الإعاقة الفكرية" على أنها مفهوم يعبر عن سيرورة ديناميكية متصاعدة في اتجاه مضاد، تماما، لاتجاه العقل وأطره الفكرية.
فإذ كان العقل البشري قد أنتج، عبر فعالياته الذهنية، أسمى لغة تجريدية (الرياضيات) وأنتج، أيضا، طاقة تخييلية حولت الخام إلى مصطنع، وأضافت الثقافي إلى الطبيعي والمكتسب إلى الفطري حيث أصبحت تدخل في تركيبته وضمن أطره البنيوية الأساسية، والتي أثبت بفعلها نجاعته الفكرية في ميادين لم تكن، في الماضي القريب، تحسب عليه، كالموسيقى والشعر والرقص و العلاقات البين _ فردية... كما أكدت لنا نظرية " تعدد الذكاءات" لـ"هوارد غاردنر"، فإن "الإعاقة الفكرية" قد أنتجت في المجتمع المغربي "ثقافة التضبيع" "ثقافة التسطيح" و ثقافة التكلاخ" انطلاقا مما يقدمه إعلامنا المرئي هذه الأيام من أفلام و مسلسلات مدبلجة.
وحتى نفهم جيدا "الإعاقة الفكرية" ونضعها في إطارها الصحيح، سنحددها تحديدا خاصا, يخدم فكرة هذا المقال المركزية التي يلخصها عنوانه أعلاه.
وهكذا سنعتبرها نتاجا لمنظومات فكرية قائمة الذات تعمل, عبر الاشتغال على وسائل معينة, على شل قدرات العقل البشري الطبيعية الخلاقة, بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن بين تلك المنظومات نجد الإعلام في شقه المرئي, الذي سنتطرق إليه باعتباره خطابا يتجه إلى فئة الأطفال وفئة الشباب, مبرزين كيفية تسببه في خلق إعاقة فكرية لديهما بالشكل الذي طرحنا أعلاه.
وهكذا سنعتبرها نتاجا لمنظومات فكرية قائمة الذات تعمل, عبر الاشتغال على وسائل معينة, على شل قدرات العقل البشري الطبيعية الخلاقة, بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن بين تلك المنظومات نجد الإعلام في شقه المرئي, الذي سنتطرق إليه باعتباره خطابا يتجه إلى فئة الأطفال وفئة الشباب, مبرزين كيفية تسببه في خلق إعاقة فكرية لديهما بالشكل الذي طرحنا أعلاه.
"الإعاقة الفكرية" إذن, هي قدرة خارجية جبارة, سلطت على العقل واقتحمت بنيته الداخلية, بدون سابق إعلام, وعملت, بشكل بطيء و تدريجي, على شل قدراته و أطره العليا, كالقدرة على التحليل والتركيب والقياس والاستنتاج و المقارنة والحجاج وغيرها من القدرات, التي من المفروض إبرازها وتنميتها لدى أطفالنا و شبابنا بدل طمسها.
فبناء على هذا التحديد يمكن فهم الأهداف, التي يسطره الإعلام المغربي, عبر ما يقدمه جزؤه المرئي من خطابات مباشرة وغير مباشرة. والتي تتلخص في العمل على توحيد الأذواق و تنميط الشخصيات وفق أسلوب استهلاكي واحد, بشكل يجعل التلفزيون, مثلا, يعمل , كما يقول بيار بورديو, على إنتاج "صناعة ثقافية استهلاكية" والتحكم في شبكات نشرها, التي سعى الخبراء وأهل الاختصاص في مجال الإشهار إلى التفكير في تطويرها لتغدو, في ظرف زمني وجيز, قوة اقتصادية مجتاحة لكل الأقطار وعابرة, وبدون استئذان, لكل الحدود.
فأمام البعد الكوني لهذه التحديات المفروضة من قبل عولمة اقتصادية و أخرى ثقافية, أصبحنا نرى في مجتمعنا المغربي, كيف يتم شل قدرات أطفالنا و شبابنا الفكرية والإبداعية على مرئى ومسمع منا دون تحريك أي ساكن, لما نجد أطفالنا "مسمرين" لساعات طوال أمام الشاشة الصغيرة وقد ابتلعتهم برامجها السخيفة, أو نجد شبابنا يبحر في متاهات الإنترنيت, دون حسيب ولا رقيب, جاهلين مخاطره والزلات التي قد يقعون فيها كنتيجة لإبحار بدون شواطئ.
لقد تراجع, في المجتمع المغربي, بشكل ملحوظ و خطير دور البيت التربوي.
ذلك الدور الذي سيجنب هؤلاء الأطفال و هؤلاء الشباب مخاطر وسائل إعلام قد جرفتها تيارات اقتصاد سوق معولم, ولم تعد تميز بين الغث والسمين أثناء تقديمها لبرامجها المسببة لإعاقة فكرية مزمنه.
ذلك الدور الذي يحث الأطفال على مراجعة الدروس و إنجاز الواجبات المنزلية.
فالبيت المغربي أصبح, وللأسف الشديد, مكانا للتلاقي الميكانيكي لأجساد بلا أرواح. مكانا لاحتكاك كتلات مادية من شحم و لحم وعظم بلا تفاعلات حقيقية للعقول وللمشاعر وللأحاسيس الدافئة.
فلم يعد لدى الآباء و الأمهات القدرة على فهم ما يجري و ما يدور في أدمغة وعقول أطفالهم فلذات أكبادهم, كما لم يعد لدى الأطفال ذلك "الانصياع الطفولي" الذي يجعلهم متقبلين لانتقادات الوالدين.
فالانتساب للعائلة أصبح, الآن, في خبر كان! لقد حل محله انتساب آخر: انتساب الأطفال للتلفزيون والإنترنيت.
فالأسلوب الإيحائي التنويمي المغناطيسي الذي يسلكه الإعلام المرئي جعل الأطفال ينسلخون عن عالمهم الحقيقي للدخول إلى عوالم افتراضية تبعدهم, وجدانيا و عاطفيا, عن أسرهم و تجعلهم يعيشون في فراغ نفسي وروحي فظيعين.
فطغيان الصورة الرقمية , أضعف ميكانيزماتهم الدفاعية, و جعلهم, بالتالي, غير قادرين على الاستفادة والاستمتاع بخيرات كل تواصل عائلي حقيقي.
أصبح البيت إذن, كما المدرسة, مكانا لتجسيد إعاقة فكرية ممنهجة ترسخ التبعية و السلبية و الخضوع لسطوة الشاشة الصغيرة على كل العقول, في أبشع معانيها.
ذلك الدور الذي سيجنب هؤلاء الأطفال و هؤلاء الشباب مخاطر وسائل إعلام قد جرفتها تيارات اقتصاد سوق معولم, ولم تعد تميز بين الغث والسمين أثناء تقديمها لبرامجها المسببة لإعاقة فكرية مزمنه.
ذلك الدور الذي يحث الأطفال على مراجعة الدروس و إنجاز الواجبات المنزلية.
فالبيت المغربي أصبح, وللأسف الشديد, مكانا للتلاقي الميكانيكي لأجساد بلا أرواح. مكانا لاحتكاك كتلات مادية من شحم و لحم وعظم بلا تفاعلات حقيقية للعقول وللمشاعر وللأحاسيس الدافئة.
فلم يعد لدى الآباء و الأمهات القدرة على فهم ما يجري و ما يدور في أدمغة وعقول أطفالهم فلذات أكبادهم, كما لم يعد لدى الأطفال ذلك "الانصياع الطفولي" الذي يجعلهم متقبلين لانتقادات الوالدين.
فالانتساب للعائلة أصبح, الآن, في خبر كان! لقد حل محله انتساب آخر: انتساب الأطفال للتلفزيون والإنترنيت.
فالأسلوب الإيحائي التنويمي المغناطيسي الذي يسلكه الإعلام المرئي جعل الأطفال ينسلخون عن عالمهم الحقيقي للدخول إلى عوالم افتراضية تبعدهم, وجدانيا و عاطفيا, عن أسرهم و تجعلهم يعيشون في فراغ نفسي وروحي فظيعين.
فطغيان الصورة الرقمية , أضعف ميكانيزماتهم الدفاعية, و جعلهم, بالتالي, غير قادرين على الاستفادة والاستمتاع بخيرات كل تواصل عائلي حقيقي.
أصبح البيت إذن, كما المدرسة, مكانا لتجسيد إعاقة فكرية ممنهجة ترسخ التبعية و السلبية و الخضوع لسطوة الشاشة الصغيرة على كل العقول, في أبشع معانيها.
والذي يصدق على البيت والأسرة يمكن أن يصدق أيضا على المدرسة. فلم يعد المدرس, مثلا, في فصله الدراسي, قادرا على تطويق مشكل الفشل الدراسي أو مشكل استيعاب تلامذته لمضامين الدروس بسبب عدم استساغتهم لها, ناهيك عن أنها تقدم لهم بوسائل جد عتيقة.
لكن, في المقابل, نراهم يستسيغون المادة الإعلامية "المسمومة" التي تعرضها عليهم وسائل الإعلام المرئية, لأنها تقدم بوسائل جد متطورة زيادة على اعتمادها على الصوت و الصورة و المؤثرات الأخرى التي تثير الحواس و تجذب العقل !
لكن, في المقابل, نراهم يستسيغون المادة الإعلامية "المسمومة" التي تعرضها عليهم وسائل الإعلام المرئية, لأنها تقدم بوسائل جد متطورة زيادة على اعتمادها على الصوت و الصورة و المؤثرات الأخرى التي تثير الحواس و تجذب العقل !
لا يمكن, في نظرنا, على كل حال, اعتبار, التلقين والحفظ والاستظهار..., تلك الأساليب العتيقة في التدريس, والمطبقة, لحد الساعة, في مدارسنا التعليمية, أسبابا جوهرية تحدد تأخر منظومتنا التعليمية عن الركب والتطور الذي تعيشه أمم أخرى, بل ينبغي اعتبارها نتاجا حتميا للوضعية المتأزمة التي تعيشها منظومتنا التعليمية.
فالسبب الحقيقي لهذه الأزمة هو عدم تكييف البرامج و المناهج وأساليب التلقي مع التطور الحاصل في المحيط القريب للتلميذ: فالطفل المغربي, كباقي أطفال الألفية الثالثة, يتعامل في البيت مع أحدث التقنيات التي تمدها له تكنولوجيا الإعلام, و يتفاعل, بشكل طبيعي, مع معطيات عصر تطغى فيه الصورة والصوت, بشكل صارخ, لكن نجده, في المقابل, لا يعثر على ضالته حين تواجده في الفصل الدراسي بسبب النقص المهول في تلك التكنولوجيا الذي تعاني منه مدارسنا.
فالسبورة السوداء المتآكلة و الطباشير الملون وغير الملون والمقاعد المصفوفة وفق تراتبية معينة, وبيداغوجية "هل فهمتم ؟" العقيمة, أصبحت, الآن, كائنات غريبة على محيط ينتمي لجيل مدرسة النجاح.
ذلك الجيل الذي أريد له أن يكون رائدا في كل شيء.
جيل يشكل بديلا لطفولة منهكة أجهدها التركيز وأتعبها طول الشرح الممل للدروس من طرف أستاذ تعوزه الوسائل في إيصال رسالته أحسن إيصال.
فالسبب الحقيقي لهذه الأزمة هو عدم تكييف البرامج و المناهج وأساليب التلقي مع التطور الحاصل في المحيط القريب للتلميذ: فالطفل المغربي, كباقي أطفال الألفية الثالثة, يتعامل في البيت مع أحدث التقنيات التي تمدها له تكنولوجيا الإعلام, و يتفاعل, بشكل طبيعي, مع معطيات عصر تطغى فيه الصورة والصوت, بشكل صارخ, لكن نجده, في المقابل, لا يعثر على ضالته حين تواجده في الفصل الدراسي بسبب النقص المهول في تلك التكنولوجيا الذي تعاني منه مدارسنا.
فالسبورة السوداء المتآكلة و الطباشير الملون وغير الملون والمقاعد المصفوفة وفق تراتبية معينة, وبيداغوجية "هل فهمتم ؟" العقيمة, أصبحت, الآن, كائنات غريبة على محيط ينتمي لجيل مدرسة النجاح.
ذلك الجيل الذي أريد له أن يكون رائدا في كل شيء.
جيل يشكل بديلا لطفولة منهكة أجهدها التركيز وأتعبها طول الشرح الممل للدروس من طرف أستاذ تعوزه الوسائل في إيصال رسالته أحسن إيصال.
فأمام البعد الكوني لهذه التحديات, أصبحنا نرى, أيضا, كيف يتم تسطيح وعي شبابنا, انطلاقا من السموم التي تنفثها وسائل الإعلام, خاصة المرئية, عبر ما تقدمه لهم من أفلام ومسلسلات مدبلجة, وبرامج ترفيهية و مهرجانات تروج لثقافة التفاهة الخالية من أي مضمون ثقافي هادف يساهم في تكوين ونحث الشخصيات القادرة على بناء المستقبل المشرق, بمباركة منا كآباء وأمهات ومربين. ففي ظل الانعكاسات الخطيرة لاقتصاد السوق على مستقبل الثقافات المحلية و الوطنية و المجتمعات العالمثالثية, بدأنا نرى و نعيش, عبر ما تقدفه المسلسلات المدبلجة من سموم, كيف ينهار ما كان بالأمس القريب, ثابتا من الثوابت, وكيف يؤول مصير ما كان معتقدا راسخا . فقد أصبح مستقبل المجتمع المغربي وأجياله القادمة منفتحا على كل الاحتمالات . فسيأتي يوم ستحل أسماء مثل رودريكو و ألفريدو و بيدرو و ديابلو محل عبد الله و عمر و سعيد وفاطمة. حينها سيغدو المجتمع المغربي, جراء ذلك, مجتمعا مدبلجا بامتياز قد أتلفت نسخته الأصلية !!!
يستمر مسلسل " الإعاقة الفكرية " والتضبيع و التسطيح و تمتد فصوله الدراماتيكية لتصل بأطفالنا إلى ضفاف نهر المراهقة . و ما ادراك ما المراهقة !!!
تميل شخصية المراهق, شأنها شأن شخصية الطفل, طبيعيا, إلى المعرفة, سواء كانت تلك المعرفة تتعلق بذاته أو بمحيطه السوسيوثقافي أو بمختلف تجلياتهما وأبعادهما الأخرى الإنسانية و الكونية.
وهذا الأمر يقتضي منه استنفار جهد فكري و روحي كبيرين , لتعبئة مختلف موارده الطبيعية والثقافية قصد بناء شخصية قوية, والتي قد تجد ضالتها في النهل من مختلف العلوم و الرؤى الفلسفية و الآداب و الفنون و غيرها.
وهذا الأمر يقتضي منه استنفار جهد فكري و روحي كبيرين , لتعبئة مختلف موارده الطبيعية والثقافية قصد بناء شخصية قوية, والتي قد تجد ضالتها في النهل من مختلف العلوم و الرؤى الفلسفية و الآداب و الفنون و غيرها.
فإذا كانت المراهقة هي تأكيد للذات و ميل بالشخصية نحو الاستقلالية, كما تؤكد ذلك أدبيات التحليل السيكولوجي و السوسيولوجي , و إنتاج لما يسميه " تالكوت بارسونز" , ب"الثقافة الفرعية " التي تنبني, سلوكيا و فكريا على فكر بديل رافض للمجتمع وقيمه ونظمه السائدة و أنماطه السلوكية , فإن "الإعاقة الفكرية" تتجلى هنا في التوظيف الإيديولوجي والاستغلال العنيف لهذه الفترة العمرية من حياة الإنسان من طرف وسائل الإعلام المرئية, عبر تحويلها إلى مجرد موضات ثقافية, لا أقل و لا أكثر.
ونحن نعيش أجواء العرس المونديالي, فذلك مناسبة نتعرف بواسطتها أين يكمن الوجه الأكثر عنفا لوسائل الإعلام.
فالإعلام قد صرف المراهق المغربي عن قضاياه الجوهرية و أزماته الحقيقية التي يعيشها في وسطه الاجتماعي والاقتصادي الفقير, وجعله رهينة " ديمومة ارتباطية " Interconnectivité مع مغريات عصره.
هكذا تسعى الشبكة العنكبوتية و القنوات التلفزية إلى خلق فضاء بديل للعالم الحقيقي تقدمه للمراهقين والمراهقات, فضاء خال من الحروب و الأزمات و الويلات التي تعصف بالكيانات.
فضاء حيث يتم فيه فبركة عالم مليء بالمتع وبالرغبات واللذات الحسية, اعتمادا على الخدع الادراكية و إثارة للمشاعر والانفعالات القوية التي من شأنها تشويه الصور المدركة في العقول عن طريق اللجوء إلى الإشهار وأفلام الحركة و عالم النجومية.
فصنع الرغبات هذا, المنبئ, وهميا, بالرفاه و ببحبوحة العيش , يضعف لدى المراهق, كما رأينا مع الطفل, أناه الدفاعية و قدرتها على تحليل وتركيب الرسائل المشفرة لخطاب الصورة.
إضعاف تلك الملكة الذهنية الخلاقة القادرة على خلق مسافة ممكنة و معقولة بين ما يقدمه الإعلام المرئي من خطابات ملغومة, وبين الذات المستقبلة له قصد تفكيك مختلف رموزها وتأويل ادعاءاتها ونواياها المبطنة.
فالإعلام قد صرف المراهق المغربي عن قضاياه الجوهرية و أزماته الحقيقية التي يعيشها في وسطه الاجتماعي والاقتصادي الفقير, وجعله رهينة " ديمومة ارتباطية " Interconnectivité مع مغريات عصره.
هكذا تسعى الشبكة العنكبوتية و القنوات التلفزية إلى خلق فضاء بديل للعالم الحقيقي تقدمه للمراهقين والمراهقات, فضاء خال من الحروب و الأزمات و الويلات التي تعصف بالكيانات.
فضاء حيث يتم فيه فبركة عالم مليء بالمتع وبالرغبات واللذات الحسية, اعتمادا على الخدع الادراكية و إثارة للمشاعر والانفعالات القوية التي من شأنها تشويه الصور المدركة في العقول عن طريق اللجوء إلى الإشهار وأفلام الحركة و عالم النجومية.
فصنع الرغبات هذا, المنبئ, وهميا, بالرفاه و ببحبوحة العيش , يضعف لدى المراهق, كما رأينا مع الطفل, أناه الدفاعية و قدرتها على تحليل وتركيب الرسائل المشفرة لخطاب الصورة.
إضعاف تلك الملكة الذهنية الخلاقة القادرة على خلق مسافة ممكنة و معقولة بين ما يقدمه الإعلام المرئي من خطابات ملغومة, وبين الذات المستقبلة له قصد تفكيك مختلف رموزها وتأويل ادعاءاتها ونواياها المبطنة.
لا وقت, إذن, لدى المراهق والمراهقة للتفكير واستيعاب الأمور لاتخاد المواقف الصحيحة والحسم في الأمور و القضايا الجوهرية والبناءة.
فإمطاره في البيت بسيل من المسلسلات و المقابلات في كرة القدم و الأفلام المدبلجة: المكسيكي والبرازيلي والهندي والتركي والكوري ... وإغراقه في الشارع و الفضاءات العمومية بمهرجانات تتلون بألوان فصول السنة (تيميتار, موازين, كناوة, العيطة ...) باسم الثقافة و الغنى الثقافي, هو, لعمري, تكريس كبير لانفصام الشخصيات.
فالإعاقة الفكرية, التي نحن بصدد تحليلها و مناقشتها هي جوهر الشلل الذي بدأ يدب في جسمنا الثقافي المغربي المريض أصلا, دون أن نجد له الدواء الشافي, قبل فوات الأوان.
فإمطاره في البيت بسيل من المسلسلات و المقابلات في كرة القدم و الأفلام المدبلجة: المكسيكي والبرازيلي والهندي والتركي والكوري ... وإغراقه في الشارع و الفضاءات العمومية بمهرجانات تتلون بألوان فصول السنة (تيميتار, موازين, كناوة, العيطة ...) باسم الثقافة و الغنى الثقافي, هو, لعمري, تكريس كبير لانفصام الشخصيات.
فالإعاقة الفكرية, التي نحن بصدد تحليلها و مناقشتها هي جوهر الشلل الذي بدأ يدب في جسمنا الثقافي المغربي المريض أصلا, دون أن نجد له الدواء الشافي, قبل فوات الأوان.
عبد الجبار الغراز
التسميات
مراهقة