تقاسم مياه النيل وحقوق مصر المائية بين حماية مصالحها القومية تغيير دول المنبع لاستراتيجية أمنها الغذائي

اللهجة المصرية تجاه قضية تقاسم مياه النيل تغيرت. غاب الصمت، وان شئت الإهمال، المصري لقضية المياه، وبدأت القاهرة تتحدث عن مواجهة محتملة.

وزير الموارد المائية والريّ المصري قال أمام مجلس الشعب إن القاهرة «لن تسمح تحت أي ظرف بالمساس بحقوق مصر المائية، وتحتفظ بحقها فى اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية مصالحها القومية»، والدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية، اعتبر خفض حصة بلاده من مياه النيل «قضية حياة أو موت».

القضية التي تواجهها مصر اليوم شديدة الخطورة والتعقيد، فدول المنبع تتحدث عن تغيير في استراتيجية أمنها الغذائي، والانتقال من الاعتماد على الريّ بالأمطار الى استخدام الريّ المنظم عبر السدود والخزانات، وهو حل سيكون على حساب حصة مصر من مياه النيل، فضلاً عن ان المفاوضات التي فشلت في آخر اجتماع لها في شرم الشيخ، تواجه إشكالات سياسية وقانونية وتاريخية.

وهي غرقت حتى الآن بعشرات المداخل والاقتراحات التي ساهمت في تباين الآراء وتعقيد الحوار.

لكن الحل لن يكون بالتهديد، ومصر لن تستطيع ان تشن حرباً على دول المنبع، ليس لصعوبة هذه الحرب واستحالة تنفيذها، إنما لأن الأزمة ليست محصورة بدول المنبع الأفريقية السبع، فهناك دول في مقدمها إسرائيل، ومصالح دولية، تخوض في مياه النيل منذ سنوات، وهي التي تحرك هذا الملف.

جزء كبير من الآراء التي تطرح في مصر تتحدث عن مؤامرة إسرائيلية، وسبق لوزير الريّ الإثيوبي أن طمأن المصريين بأن بلاده لن تبيع الماء للدولة العبرية، وقال للصحافيين: «ليس لمياه النيل أجنحة تطير بها الى إسرائيل»، على رغم ان مياه النيل يمكن ان تصل إسرائيل من دون أجنحة، والوزير يعرف ذلك جيداً، ولهذا فإن الحل الأمثل أمام مصر هو الشروع فوراً في مفاوضات مع إسرائيل لتزويدها بالماء.

وإذا كانت إسرائيل ستحصل على خراج مياه النيل في أفريقيا، وعلى حساب أمن مصر المائي، فلماذا لا تتولى مصر زمام المبادرة، على طريقة بيدي لا بيد الدول السبع وتخرج الأفارقة من «الترعة»، وتعطي إسرائيل فائض المياه، وبهذا ستكسب المعركة وتغلق الملف الخطير الى الأبد.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال