قصة (القنفذ) لتامر زكرياء.. القنفذ وأصدقاؤه الثلاثة الأرنب والقط والخروف



في قديم الزمان لم يكن القنفذ حيواناً قبيحاً تغطي الأشواك جسمه إنما كان جميلاً محبوباً.
وكان للقنفذ ثلاثة أصدقاء: أرنب وقط وخروف.
وكان القنفذ والأرنب والخروف والقط يعيشون معاً سعداء في الغابة في بيت واحد.

وفي صباح يوم من أيام الشتاء، أشرقت الشمس دافئة، فخرج القنفذ من البيت تاركاً رفاقه نياماً، وتجوّل قليلاً في الحقول ثم تسلق إحدى الأشجار، وراح يتمتع بضياء الشمس الدافئة.

وفجأة حطّت حمامة بيضاء على غصن الشجرة تلهث متعبةً، فسألها القنفذ: ما بك؟
قالت الحمامة: أنا ألهث لأني كنتُ أطير بسرعة.
قال الفنفذ متسائلاً بسخرية: ولماذا كنتِ تطيرين مسرعةً؟ هل أنتِ على موعد مع فيل؟

رمقت الحمامة القنفذ بنظرة عتاب، وقال له: طرت بسرعة كي أتمكن من إبلاغكم بالخطر الذي يهدد حياتك وحياة رفاقك.
قال القنفذ متسائلاً بدهشة: وما هو هذا الخطر؟
قالت الحمامة: السيل قادم نحوكم كالمجنون، فيجب أن تنذر رفاقك الأرنب والقطّ والخروف كي يتمكنوا من حماية حياتهم.

واستعدت الحمامة للطيران، فسألها القنفذ: إلى أين أنتِ ذاهبة؟
قالت الحمامة: أنا ذاهبة لأنذر سكان الغابة.
وطارت الحمامة تاركة القنفذ يرتجف خائفاً.
قال القنفذ لنفسه: إذا تركت الشجرة وذهبت إلى البيت لأنذر رفاقي، فقد يدهمني السيل وأموت، ولكنّي إذا بقيت فوق الشجرة، فلن أتعرض لأيّ خطر، وأضمن نجاتي من السيل.

لم يفارق القنفذ الشجرة، وظل منتظراً السيل.
وجاء السيل يهدر قوياً عنيفاً ويكتسح كل شيء أمامه ويدمره، وأبصر القنفذ السيل وهو يدمر البيت ويغرق الأرنب والقط والخروف.
ولما رحل السيل، ترك القنفذ الشجرة، ولكنه لم يكن حزيناً.

عادت الحمامة البيضاء، وقالت للقنفذ مؤنبة: لقد هلك رفاقك بسبب خوفك وحرصك على أن تنقذ حياتك وحدها من الموت.
فضحك القنفذ، وقال للحمامة: حياتي وحدها هي الجديرة بالحبّ والعناية.

وما إن تفوه القنفذ بهذه الكلمات حتى اختفى جماله، وغطت جسمه أشواك كثيفة، فسارع إلى الاختباء بين نباتات طويلة، وعاش منذ ذلك اليوم وحيداّ قبيحاً خجلاً نادماً.
(لماذا سكت النهر 1973).