السيمياء قديما.. علم كيمياء القرون الوسطي. تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة. علم يدرس العلامة ومنظوماتها والخصائص التي تمتاز بها علاقة العلامة بمدلولاتها



اقترن مصطلح السيمياء في حركة التأليف المبكرة عند العرب بعدد من العلماء.

منهم  جابر بن حيان (200ه ـ 815م) الذي كان عظيم  الثقة بنفسه وبعلمه ولكن لم  تساعده أدوات ذلك العصر الباكر على تحقيق ما كان يفكر فيه من خيال علمي طموح.

ومن تلك الأفكار في ذلك الزمان  فكرة تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة.
ولما لم يستطع  تحقيق بعض ذلك الطموح، تحول علم  الكيمياء عنده  إلى ما عرف بعلم (السيمياء).

وقد كان مفهوم هذا العلم في ذلك الوقت قريباً من السحر.
يقول صاحب كتاب أبجد العلوم: "السيمياء هي اسم  لما هو غير حقيقي من السحر.

وسيمياء لفظ عبراني معرب أصله (سيم به)" وذكر  إضافة إلي  جابر بن حيان أسماء علماء آخرين منهم ابن سينا والسهر وردي وابن خلدون والحلاّج وكمال الدين بن يونس.
 
و جاء في كتاب: كشاف اصطلاحات الفنون، أن السيمياء هي: علم  تسخير الجن.. بعض أنصاف العلماء أدخلوا تحت السيمياء علوماً عدة منها علم أسرار الحروف وهو تفاريـع السيمياء، ولا يوقف على موضوعه، ولا تحاط  بالعدد مسائله".

ولكن ماذا تقول  المعاجم العربية؟
جاء في إحدى هذه المعجمات: "السومة والسيماء والسيمياء: العلامة،
وسوم الفرس: جعل عليه السيمة وقوله عز وجل: حجارة مسومة عند ربك للمسرفين.
قال الزجاج: روى الحسن أنها معلمة ببياض وحمرة.

وقال غيره: مسومة بعلامة يعلم بها أنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم بسيماها أنها مما عذب الله بها.
وقال الجوهري: السومة بالضم العلامة، تجعل على الشاة وفي الحرب أيضا، تقول منه تسوم.

قال أبوبكر: قولهم عليه سيما حسنة معناه علامة.. والخيل المسومة هي التي عليها السمة والسومة وهي العلامة.

وقال ابن الأعرابي: السيم العلامات على صوف الغنم.
وقال تعالى: من الملائكة مسومين؛ قرئ بفتح الواو، أراد معلمين.

وفي حديث الخوارج: سيماهم التحليق أي علامتهم، والأصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمد وتقصر، وقد يجئ السيماء والسيمياء  ممدودين..".

أما المعاجم  الأجنبية فقد  فرّقت بين مصطلحين: الكيمياء وهي العلم المعـروف (Chemistry) وعلم أخر (Alchemy) وهو  يرمز إلى ما كان يسمي عند العرب بعلم السيمياء وهو علم كيمياء القرون الوسطى.

وربما  سموه (الخيمياء) لقرب اللفظتين لفظاً ومعنى.
ويمكننا  أن نقول أنها  تحريف  للفظ  العربي  السيمياء، خاصة لاحتفاظها ب(أل) التعريف التي لازمت المصطلح دلالة علي أصوله العربية.

ويرى بعض العلماء أن لفظ السيمياء هو أحد  المعربات الثلاثة السيمولوجيا والسيولتيك والسيميائية للفظ  يوناني هو (السيميو طيقا) من كلمة (السيميولوجيا) وتعني العلامة.

ويعرفه بأنه: "علم يدرس العلامة ومنظوماتها (أي اللغات الطبيعية والاصطناعية) كما يدرس الخصائص التي تمتاز بها علاقة  العلامة بمدلولاتها"، أي تدرس علاقات العلامات والقواعد التي تربطها  أيضاً.

وهذا التعريف يدخل تحته عدد من العلوم  مثل الجبر والمنطق والعروض والرياضيات.. وهذا شبيه بما صنع العرب حين خلطوا  السيمياء بالسحر.