بلاغة الوصل.. العطف بالواو بربطِ وتشريك ما بعدها لما قبلها في الحكم. عطف جملة على أخرى بالواو



بلاغةً الوصل لا تتحققُ إلا بالواو العاطفةِ فقط، دون بقيةِ حروف العطفِ، لأنَّ الواوَ هي الأداةُ الّتي تخفَى الحاجةُ إليها، ويحتاجُ العطف بها إلى لُطفٍ في الفهمِ، ودقةٍ في الإدراكِ، إذ لا تفيدُ إلا مجرَّدَ الربطِ، وتشريكِ ما بعدها لِمَا قبلها في الحكمِ، نحو: مضَى وقتُ الكسلِ، وجاءَ زمنُ العملِ، وقُمْ واسْعَ في الخيرِ.
بخلافِ العطفِ بغير الواو، فيُفيدُ معَ التشريكِ معانيَ أخرى، كالترتيبِ مع التعقيبِ في الفاءِ، وكالترتيب ِمع التراخي في ثُمَّ، وهكذا باقي أدواتِ العطفِ الّتي إذا عُطف بواحدٍ منها ظهرَ الفائدةُ، ولا يقعُ اشتباهٌ في استعماله.
وشرطُ العطفِ بالواو أنْ يكونَ بين الجملتينِ جامعٌ  حقيقيٌّ بين طرفي الإسنادِ، أو جامعٌ ذهنيٌّ، فالجامعُ الحقيقيُّ كالموافقةِ في نحو: يقرأُ ويكتبُ، والجامعُ الذهنيُّ كالمضادةِ في نحو: يضحكُ ويبكي، وإنما كانتِ المضادَّةُ في حكم الموافقةِ، لأنَّ الذهنَ يتصوّرُ أحدَ الضدينِ عند تصوُّر الآخرِ، فالعلمُ يخطرُ على البالِ عند ذكرِ الجهلِ، كما تخطرُ الكتابةُ عند ذكرِ القراءةِ.
والجامع ُيجبُ أنْ يكونَ باعتبارِ المسنَدِ إليه والمسنَدِ جميعاً.
فلا يُقالُ: خليلٌ قادمٌ والبعيرُ ذاهبٌ، لعدمِ الجامعِ بين المسنَد إليهما ،كما لا يقالُ: سعيدٌ عالمٌ، وخليلٌ قصيرٌ، لعدمِ الجامعِ بين المسندينِ.