الكلاب في رواية اللص والكلاب: رمزية عميقة ودلالات غنية



الكلاب في رواية اللص والكلاب:

رمزية الكلاب:

يرى العديد من النقاد أن الكلاب في رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ ليست مجرد حيوانات عادية، بل هي رموز عميقة تجسد العديد من الشخصيات والقوى التي تواجه بطل الرواية، سعيد مهران.
  • رمزية الكلاب كمجتمع: تُمثل الكلاب المجتمع المعادي لسعيد، ذلك المجتمع الذي ظلمه وسجنه وطرده، مجتمع قاسٍ لا يرحم، ينهش ضعافَه ويستغلّهم. ففي كل مرة يحاول سعيد الاندماج في هذا المجتمع، يواجه الرفض والصدّ، ممّا يدفعه إلى المزيد من العنف والتمرد.
  • رمزية الكلاب كخيانة: تُمثّل الكلاب الخيانة التي واجهها سعيد من أقرب الناس إليه، زوجته نبوية وصديقه عليش. فبعد سجنه، خانته نبوية وتزوجت من عليش، بينما وشى به عليش للشرطة، ممّا أدّى إلى عودته إلى السجن.
  • رمزية الكلاب كقوى الشر: تُمثّل الكلاب قوى الشرّ التي تحيط بسعيد، قوى الفساد والقمع والظلم. ففي كل مرة يحاول سعيد مقاومة هذه القوى، يواجه المزيد من المعاناة والهزيمة.

ملاءمة الأسماء للشخصيات:

اختار نجيب محفوظ أسماء شخصيات روايته بعناية فائقة، بحيث تعكس سماتهم ودلالاتهم العميقة:
  • سعيد مهران: اسم "سعيد" يحمل تناقضًا مأساويًا، فهو اسم يدلّ على السعادة، بينما حياة سعيد مليئة بالحزن والمعاناة. واسم "مهران" مشتق من كلمة "مهر" التي تدلّ على الثمن، ممّا قد يُفسّر كرمز للثمن الذي يدفعه سعيد مقابل تمسكه بمبادئه.
  • رؤوف علوان: اسم "رؤوف" يدلّ على الرحمة والعطف، بينما تصرفات "علوان" مع سعيد كانت قاسية وظالمة. واسم "علوان" قد يدلّ على الارتفاع والعلو، ممّا قد يُفسّر كتجسيد لمكانة رؤوف الاجتماعية المرموقة، والتي تجعله بعيدًا عن هموم سعيد ومعاناته.
  • نور: اسم "نور" يدلّ على الضوء والأمل، وهو ما مثّلته نور لسعيد في حياته المظلمة. فكانت نور ملاذه ومأواه، وقدّمت له الحبّ والعطف.

ختامًا:

تُعدّ رواية "اللص والكلاب" من أهمّ الأعمال الأدبية العربية، وذلك لغناها بالدلالات والرمزية. فالكلاب ليست مجرد حيوانات عادية، بل هي رموز عميقة تجسد الصراع بين الفرد والمجتمع، بين الخير والشر، بين الأمل واليأس.
وتُظهر براعة نجيب محفوظ في اختيار أسماء شخصياته، ممّا يعكس سماتهم ودلالاتهم العميقة، ويُضفي على روايته المزيد من الغنى والتعقيد.