مظاهر تطور الشعر العباسي في الأوزان والقوافي.. الميل إلى الأوزان القصيرة و المجزوءة واستحداث أوزان أخرى تنسجم مع روح العصر



للشعر خصائص موسيقية تأتيه من الوزن والقافية، وقد ألمّ الشعراء العباسيون بالأوزان التي أخرجها الخليل بن أحمد ونظموا على تفعيلاتها، وكان الميل إلى الأوزان القصيرة و المجزوءة، التي تستدعي الرشاقة، والعذوبة، وتلائم حياة القصور والحانات والخمائل.

أما بحر المجتث والمقتضب فهما محببان إلى النفسِ وأكثر استجابة للغناء وطواعية للموسيقى، لذلك نظم فيه الشعراء في العصر العباسي، يقول مطيع ابن إياس:
ويلي ممّن جفاني -- وحبه قد براني

ومن المقتضب قول أبي نواس:
حامل الهوى تعب -- يستخفه الطرب
إنْ بكى يحقُ لـه -- ليسَ ما به لعبُ
تضحكين لاهية -- والمحب ينتحبُ
كلما انقضى سببٌ -- منكِ عاد لي سببُ

و تصرف بعض الشعراء بالأوزان، كما استحدثوا أوزاناً أخرى تنسجم مع روح العصر، وأبو العتاهية من أشهر الذين ابتكروا في الأوزان، التي تليق بما يقول من الشعر، قال ابن قتيبة فيه: وكان لسرعته وسهولة الشعر عليه ربما قال شعراً موزونا يخرج به عن أعاريض الشعر وأوزان العرب".