عن أبي رفاعة -رضي الله عنه- قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها(رواه مسلم (876) ).
فالناس معادن، وقدرات وطاقات متفاوتة، حرصاً، وذكاءً، واستعداداً، وتحصيلاً. والمعلم يتعامل مع الجميع، ويخاطب الكل، وهنا تكمن مهارته في إقناع الجميع، وتحقيق التوازن بينهم.
والاعتناء بالفروق الفردية أمر لم تبتكره التربية المعاصرة، بل أشار إليه أسلافنا الأوائل وأدركوه وأوصوا المعلم به، قال النووي:"وينبغي أن يكون باذلاً وسعه في تفهيمهم، وتقريب الفائدة إلى أذهانهم، حريصاً على هدايتهم، ويفهم كل واحد بحسب فهمه وحفظه، فلا يعطيه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عما يحتمله بلا مشقة، ويخاطب كل واحدٍ على قدر درجته، وبحسب فهمه وهمته، فيكتفي بالإشارة لمن يفهمها فهماً محققاً، ويوضح العبارة لغيره ويكررها لمن لا يحفظها إلا بتكرار، ويذكر الأحكام موضحة بالأمثلة من غير دليل لمن لا ينحفظ له الدليل، فإن جهل دليل بعضها ذكره له"(المجموع شرح المهذب (1/31). ).
وكان السلف ربما خصوا بعض الطلاب بالتعليم والتحديث دون غيره. قال أبو عاصم:"ربما رأيت سفيان يجذب الرجل من وسط الحلقة فيحدثه بعشرين حديثاً والناس قعود"، قالوا: لعله كان ضعيفاً. قال:لا (أخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (785)).
التسميات
تربية