العراقيون يهزمون أمريكا بعد أنهار من الدم.. إعدام القادة لا يعني إركاع الشعب

الآن ثبت للعالم كله،أن أمريكا هزمت في العراق وسجل العراقيون نصرا كاسحا في مقاومتهم الباسلة ودحر الغزو الوحشي وأهدافه التدميرية، نعم هزمت أمريكا عسكريا وأخلاقيا، بعد أن قررت الانسحاب الكاذب المخادع قبل أسبوعين من موعده المقرر تحت جنح الظلام كلص لم ينل غنيمته،وتركت العراق محطما،مدمرا،يتخبط بدمه،تتناهشه الذئاب والكلاب.
فبعد سبعة أعوام ونصف من الغزو اللاأخلاقي والحشد الإعلامي الهائل والتمويل الخرافي والقتلى الذين يعدون بمئات الألوف مابين قتيل وجريح ومنتحر ومجنون من علوجه يقول الرئيس اوباما ويعترف(أن انتهاء المهمات القتالية ليس استعراضا للنصر)أليس هذا اعتراف تاريخي بهزيمته وهزيمة سلفه بوش الذي وعد الأمريكان بالنصر النهائي في العراق،إذا حربهم ضد العراق كانت كذبة وخدعة وورطة في آن واحد،لم تتحقق أهدافها المعلنة والمخفية معا،فالمعلنة هي نشر الديمقراطية وجعل العراق أنموذجا لها في الشرق الأوسط والتخلص من (الدكتاتورية)،وتدمير أسلحة الدمار الشامل والقضاء على القاعدة في العراق،أما المخفية فهي ضمان امن إسرائيل والهيمنة على منابع النفط العراقية التي تشكل احتياطي العالم الأول،وإقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير بتغيير خارطة المنطقة على مقاسات أمريكية جهنمية ترتكز على تفتيتها إلى دويلات طائفية وعرقية واثنيه وقومية وتشمل سوريا وإيران ودول الخليج العربي والسعودية،(خارطة كولن باول في مجلس الامن ومشروع كوندا ليزا رايس )...كل هذا أسقطته مقاومة العراقيين الباسلة بالضربة القاضية وداست عليه أقدامهم منذ اليوم الأول للغزو الإجرامي،وفضحته وعرته أمام العالم رغم التضحيات الكبيرة الغالية،ولكن ما تشهده الساحة السياسية العراقية من تخبط وصراع مناصب وتسقيط سياسي في العملية السياسية والتي تقودها أحزابا طائفية اسلاموية وشخصيات كارتونية تابعة ودمى صنعها الاحتلال قبل وبعد الغزو،هو نتاج احتلالي أعرج،فبالرغم من كل الدعم الهائل بالتمويل المنهوب من أموال الشعب والإعلام المبرمج المضاد والقوة العسكرية الفتاكة التي تحميها لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تفرض الامن والاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية للشعب العراقي الجريح، واثبت هؤلاء الساسة الدمى أنهم ليسوا رجال دولة وإنما رجال سلطة للقتل والثأر والانتقام والإقصاء،يعيشون بعقل المعارضة السابقة،ويتصارعون على الكراسي والمناصب ويتسابقون في نهب ثروات البلاد بعلم ودعم المحتل،ويعملون على تفتيت النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي(المناهج الدراسية نموذجا صارخا)لذلك فشلت أحزابهم وتحالفاتهم وحركاتهم لأنها مبنية على المصالح الطائفية والفئوية والحزبية الضيقة،ولأنها تحمل مشروعا طائفيا تدميريا يرتبط بمصالح دول إقليمية ويسير بفلكها الطائفي التوسعي القومي،لذلك نرى أن مضي أكثر من ستة أشهر على انتهاء الانتخابات التشريعية وإعلان النتائج،لم تستطع هذه الأحزاب الطائفية الحاكمة والمتنفذة بالسلطة أن تشكل حكومة وتنقذ البلاد من محنته وكوارثه وماسيه، وتفرض الامن والاستقرار لشعبه،في وقت يضرب الإرهاب الميليشياوي المدعوم من الحكومة قتلا وتفجيرا وتهجيرا بالشعب،إضافة إلى الفساد المالي والإداري الذي يشل حركة الوزارات ودوائرها وكل مفاصل الحكومة الأخرى،وبتخطيط ودعم وإشراف إيراني مباشر لاتخطئه العين الباصرة ،والذي أحرج إدارة اوباما وأذلها في العراق ،بحيث لم تستطع إخفاء هذا النفوذ واخفضت له جناح الذل،ولم تنجح كل الزيارات المكوكية لرهط إدارة اوباما(وفد الكونكرس وفيلتمان وبايدن ومستشار الامن القومي وغيتس وغيرهم)في تسوية توافقية بينها وبين إيران لتشكيل حكومة شراكة بينهما،تحفظ بها ماء الوجه المسال بإذلال في العراق أمام الرأي العام الأمريكي على الأقل،لم تفلح كل المحاولات هذه،فأعلنت انسحابها الكاذب لتحقيق هدفين،الأول داخلي وهو رفع نسبة المصوتين لصالح الحزب الديمقراطي الذي يواجه مأزقا في الانتخابات التشريعية القادمة ،وليثبت اوباما انه أوفى بوعده في الانسحاب،أما خارجيا فلكي يقول للرأي العالمي أن أمريكا حققت أهدافها من الغزو في تشكيل حكومة عراقية منتخبة وديمقراطية نموذجية في الشرق الأوسط، وان أمريكا لم تعد في حالة حرب مع العراق(تصريح غيتس وزير الدفاع)..و القوات العراقية جاهزة لحفظ الامن فيه وعملنا في( الفجر الجديد )هو الإسناد والتدريب والإشراف فقط...ولكي ندحض هذه الأكاذيب والافتراءات الأمريكية التي جاءت على السنة قادة إدارة اوباما وان هذا الانسحاب هو انسحاب كاذب تسويقي وشكلي وإعلامي محض وفج،حيث يقول اوباما نفسه في آخر خطاب له حول العراق(إن انتهاء المهمات القتالية لايعني انتهاء التزام واشنطن تجاه العراق)في حين يقول وزير دفاعه غيتس(القوات الأمريكية قد تبقى في العراق إلى ما بعد عام 2011) ويقول قائد الجيوش الغازية راي موند اوديرنو(إن القوات ستتدخل إذا اقتضت الحاجة لتساند الجيش العراقي)في حين تقوم هذه القوات الآن بعمليات قتالية في جميع مدن وشوارع العراق آخرها حملة كبرى في جبال حمرين.وهكذا تتوالى أقوال وتصريحات رهط إدارة اوباما لتؤكد أنها توهم الرأي العام حيال موقفها الحقيقي في العراق،ووضعها المزري فيه ،في وقت تنأى بنفسها عن تدخلها في الشأن العراقي كما ورد في تصريحات (جو بايدن)المتكررة بأن إدارته فقط تبدي النصح والإرشاد والمشورة للساسة العراقيين، وهو يتجول في مقرات الأحزاب الطائفية والكتل السياسية الحاكمة ليستجدي عطفهم في الإسراع بتشكيل الحكومة البائسة موزعا عليهم ضحكته الصفراء ،فيما يعلن رئيس وزراء الاحتلال أن العراق أصبح مستقلا وذو سيادة تملقا لأسياده ،ليوافق بتصريحه هذا تصريحات إدارة الاحتلال ويحصل على الدعم المطلوب لتشكيل حكومة ثانية له ،وهو يعرف قبل غيره انه يكذب على الشعب لان الوجود الأمريكي ليس له حدود وليس له زمان محدد،وان بقاءه مرتبط بوجوده،هذا هو مأزق الاحتلال في العراق ،وهذه هي هزيمة أمريكا فيه......

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال