أولاً: مخالفة لأمر النبي (ص) بالنهي عن الحديث بعد العشاء لغير فائدة:
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا " ([1]) وعن عبد الله بن مسعود قال : جدب إلينا رسول الله r السمر بعد العشاء قال خالد معنى جدب إلينا يقول عابه ذمه([2]) .
والحديث بعدها يعني في الأمر المباح أما إذا كان الحديث في محرم فلا يجوز سواء كان بعد العشاء أو قبلها أو في أي وقت من ليل أو نهار وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب الناس على ذلك ـ أي السهر ـ ويقول : أسمراً أول الليل ونوماً آخره ؟ ([3])
ثانياً ـ إضاعة صلاة الفجر وتفويتها:
وقد أفاد كثير من الشباب بذلك فيقول أحدهم : دائما ننصرف قبيل الفجر فننام ولا نصليها !!! ويحدث هذا أيضا في قصور الأفراح للنساء فتعود المرأة لبيتها في ساعة متأخرة من الليل وهي مرهقة متعبة ثم تلقي بنفسها في فراشها ولا تشعر بنفسها إلا والساعة قد بلغت العاشرة أو الحادية عشرة !!
حتى من قام الليل أو طلب العلم إذا خشي فوات هذه الصلاة فإنه لا يصح له ذلك وقد أنكر عمر بن الخطاب على الذي أحيا الليل بالصلاة ثم غلبت عليه عينه ونام عن الصلاة المكتوبة كما في الموطأ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَدَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَدَا إِلَى السُّوقِ وَمَسْكَنُ سُلَيْمَانَ بَيْنَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ فَمَرَّ عَلَى الشِّفَاءِ أُمِّ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَهَا لَمْ أَرَ سُلَيْمَانَ فِي الصُّبْحِ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَاتَ يُصَلِّي فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَقَالَ عُمَرُ : لَأَنْ أَشْهَدَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةً ([4]) .
هذا يقال في من قام الليل فكيف بمن أسهر ليله على الأغاني والمعازف ؟كيف بمن أسهر ليله على الأفلام والمسلسلات ؟! كيف بمن أسهر ليله في تصيد بنات المسلمين عبر الهاتف أو في الأسواق ؟!!
وقد جاء الوعيد الشديد للذي ينام عن الصلاة المكتوبة ففي البخاري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّؤْيَا قَالَ : " أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ ([5])رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ "([6])
وهذه الصلاة هي الفارقة بين أهل الإيمان وأهل النفاق كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا .." ([7]) .
وقد يقول قائل : أليس النبي r يقول : " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا "([8]) وعند الترمذي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْمَهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا " ([9])
والجواب عن ذلك أن يقال :
1 ـ هل يا ترى يعذر من ينام كل يوم عن الحضور لوظيفته ؟!!ويتسامح معه ..ويتغاض عنه أم أنه يحاسب على هذا التفريط والإضاعة ؟ إذن فشتان بين من تغلبه عينه في الشهر مرة لمرض أو تعب أو أرق أو نحو ذلك ؟!! وبين من اعتاد النوم عن الصلاة كل يوم !!
2 ـ أن مراد النبي r في حديثه في حق من فعل الأسباب من وضع منبه ونوم مبكر ..ولكن غلبت عليه عينه فنام ..فهنا نقول لا حرج وصلها إذا ذكرتها كما حصل للنبي r في إحدى غزواته روى البخاري في صحيحه عن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ بِلَالٌ أَنَا أُوقِظُكُمْ فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ قَالَ مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى "([10]) والشاهد من الحديث أن النبي r قبل أن ينام أمر بلال أن يوقظه للصلاة ففعل السبب ولكن غلبت عليه عينه فما قام إلا وقد طلعت الشمس .
ففرق بين من يسهر في آخر الليل ولم يفعل الأسباب الشرعية للاستيقاظ وبين من حصل له ظرف طارئ للسهر ولكن فعل الأسباب فوضع الساعة أو الجوال أو غيرها من الأسباب والله أعلم .
([1]) أخرجه: البخاري ورقمه (568) .
([2]) أخرجه: أحمد (1/410) وابن ماجه (703) وصححه الألباني . وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/213)ورجاله ثقات.
([3]) انظر: فتح الباري (2/73) .
([4]) أخرجه: مالك في الموطأ (270) .
([5]) يثلغ: أي يُكسر ويشج .
([6]) أخرجه: البخاري (1143).
([7]) أخرجه: مسلم ورقمه (651).
([8]) أخرجه: مسلم (684) وهو في البخاري أيضا.
([9]) أخرجه: الترمذي (177) وقال: هذا حديث حسن صحيح .
([10]) أخرجه: البخاري (595).
التسميات
سهر