القيمة الغذائية للفيتامينات.. العشو الليلي أول نذير على نقص فيتامين اي عند الانسان واكتشاف الحديد كان تعبيرا عن قوة المعادن واهميتها للجسم



توصل الطبيب الاغريقي العبقري القديم هيبوقراط الى صياغة اهمية الطعام للانسان بجملة واحدة "اجعل من غذائك دواءك" لكن البشرية احتاجت الى 2000 سنة من العمل والى قرن كامل من التقدم التقني والابحاث كي تسبر غور هذه المقولة ا لفذة .وللدلالة على اهمية التغذية، الفيتامينات كمثل، يكفي ان نشير الى ان الاطباء الاغريق والمصريين القدماء كانوا يصفون "عصير الكبد" لعلاج الانسان من العشو اوالعمى الليلي. لم يكونوا على علم بالطبع بان عصير الكبد يحوي على كميات كبيرة من فيتامين اي لان اكتشاف التركيبة الكيمياوية لهذا الفيتامين ومصدره (بيتا كاروتين) لم تتحق الا عام 1930 على ايدي العلماء السويسريين. ونعرف اللان ان العشو الليلي هو اول نذير على نقص فيتامين اي عند الانسان.
ولا يختلف اكتشاف فيتامين سي عن اكتشاف سلفه المرتبط مباشرة بقدرة الانسان على النظر. اذ لاحظ بعض المهتمين عام 1601 ان تناول الفواكه الحمضية يعيق اصابة البحارة بداء الاسقربوط وهو مرض يصيب البحارة الذين يقتصر طعامهم عادة على اللحم المجفف والبسكويت وهم في عرض البحر. واحتاجت ا لبشرية الى قرنين اخرين كي تدرك اهمية الفيتامين الموجود في الفواكه الحمضية فبدأت البحرية البريطانية بتزويد بحارة سفنها بعصير الليمون. ولم يكونوا على معرفة بالطبع بوجود هذا الفيتامين واستغرق الامر قرنا اخر من الزمن كي يتم عزل وتشخيص فيتامين س.
 واذا كان اكتشاف فيتامين سي تعبيرا عن اكتشاف قوة الفيتامينات واهميتها فان اكتشاف الحديد كان تعبيرا عن قوة المعادن واهميتها للجسم. وكانت الحضارات القديمة في بحر المتوسط تستخدم "معادن الجنة" في العلاج منذ الاف السنين وتكشف الابحاث ا لقديمة عن وصفة عتيقة اسمها Ebers Papyrus تصف دوائين غنيين بالحديد. وتم ا لاعتراف عام 1932 بان نقص الحديد يؤدي ا لى اصابة الانسان بداء الاخضرار Chlorosis ا لذي يصيب ا لفتيات المراهقات الا ان اكتشاف اهمية الحديد كعنصر هام من مكونات الهيموجلوبين، وهو بروتين مكون لكريات الدم الحمراء، لم يكشف عنه الا في القرن العشرين.