توتر العلاقات العراقية - البريطانية.. رفض المطالب العربية وقطع إمدادات الأسلحة عن الجيش العراقي والمطالبة باستقالة رشيد عالي الكيلاني من رئاسة الوزارة



كان رفض البريطانيين الاستجابة الى الحد الأدنى من المطالب العربية قد أقنع أكثر القادة القوميين اعتدالاً بعدم جدوى الحوار مع البريطانيين، وأن ليس للعرب خيار سوى التقرب الى أعداء بريطانيا والتفاهم معهم حول المستقبل.

وكان الوضع الدولي يشجع هذا الاتجاه، فقد سقطت فرنسا في حزيران عام 1940 وأعقب هذا شعور عام ساد الأوساط السياسية والعسكرية العالمية مفاده أن ألمانيا ستكسب الحرب، وأن استسلام بريطانيا أمر لا مفر منه.

ففي 21 حزيران 1940 تقدم البريطانيون بمذكرة الى الحكومة العراقية يطلبون فيها السماح لهم بانزال قواتهم في البصرة لتأخذ طريقها الى فلسطين استناداً على معاهدة 1930، وأن تستخدم الأراضي العراقية للعبور فقط.

وفي حزيران أيضاً فهم العام نفسه دخلت إيطاليا الحرب العالمية الثانية الى جانب ألمانيا وحاولت الحكومة البريطانية الضغط على الحكومة العراقية لحملها على قطع علاقاتها معها.

قررت الحكومة العراقية إرسال وفد الى تركيا لاستشارة الحكومة التركية بصفتها دولة صديقة ومجاورة للعراق ولكونها عضواً في ميثاق سعد آباد في الموقف الأفضل الذي يمكن أن يتخذه العراق بالنسبة للحرب ولاطراف الصراع.

وكان الوفد مؤلفاً من نوري السعيد وزير الخارجية وناجي شوكت وزير العدلية والى جانب مهمة الوفد أعطيت تعليمات سرية الى ناجي شوكت من دون علم نوري السعيد للاتصال بفون سفير ألمانيا في انقرة للتعرف على موقف الألمان الحقيقي من القضايا المصرية للأمة العربية وللبحث معه في إمكانية التعاون العربي الألماني.

وشهدت عشرة الأشهر التي تلت اجتماع شوكت بأبن تردياً في العلاقات العراقية - البريطانية كما شهدت مفاوضات مكثفة بين القادة العرب وألمانيا وإيطاليا والاتحاد السوفيتي من جهة ثانية.

وكان هدف تلك المفاوضات حصول القادة العرب على ضمانات من تلك الدول باحترام استقلال بلدان الوطن العربي والتعهد بتوفير السلاح والمساعدة في حالة نشوب صراع مسلح بين العراق والقوات البريطانية.

وقد واجهت حكومة الكيلاني صعوبات متزايدة في الأشهر الأخيرة من عام 1940، كما تفاقمت الخلافات بين أعضاء الوزارة خاصة بين ناجي شوكت ونوري السعيد.

ثم أن الحكومة البريطانية مارست كل أنواع الضغوط من ذلك أنها قطعت إمدادات الأسلحة عن الجيش العراقي وروجت إشاعات مفادها أن العراق في طريقه الى إعادة العلاقات مع ألمانيا.

وأبدت بريطانيا معارضتها الشديدة لهذه الخطوة بل أنها هددت بأنها سوف تعيد النظر بعلاقاتها مع العراق إذا أقدم هذا على إعادة علاقاته مع ألمانيا وهي بهذا تطالب باستقالة رشيد عالي الكيلاني من رئاسة الوزارة.

وفي اجتماع البرلمان في 30 كانون الثاني 1941، أسمع بعض النواب رئيس الوزراء انتقاداً وكلاماً مهيناً فطلب من الوصي حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة فطلب الوصي منه إمهاله حتى المساء للنظر في الأمر وعند مغادرة الكيلاني دبر الوصي أمر فراره الى الديوانية وعليه قرر الكيلاني الاستقالة.