دراسة وتحليل خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي لأهل العراق.. تسهيل الخطبة. التعريف بنفسه. سياسة العنف. العراق شعب الضلال والكفر والفتن



دراسة وتحليل خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي لأهل العراق:

المناسبة:

من المعروف عن العراق أنه لا يخضع لحاكم خارج العراق، وفي عصر بني أميّة كانت العراق مصدر إزعاج السلطة لأن أغلب سكانها كانوا من الشيعة ولذلك كان على الخليفة أن يختار شخصا لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبه فعيّن الحجاج لكن أهل العراق سخروا من هذا التعيين واعتقدوا أن الحجاج أعرابي لا يعرف شيئا في السياسة وعلم الحجاج بذلك وتوجه إلى العراق متلثمًا ووصل المسجد في الكوفة ومن على المنبر ألقى هذه الخطبة معرّفًا بنفسه ومستخدمًا سياسة التهديد والوعيد، فإذا كانت كلمات الخطبة بهذه القسوة والشدة فكيف الأفعال التي تدل عليها؟

تسهيل الخطبة:

بدأ الحجاج بالتعريف عن نفسه فهو القادر على كشف الأمور وتخطي الصعوبات ثم أكد انه سيقتل عددا منهم وها هو يتخيل الدماء تسيل ما بين الرؤوس والأعناق وحتى لا يظن انه فقط يقول ولا يفعل فإنه أكد انه ليس كما يظنون فهو صاحب الخبرة والقائد المحنك وهو شديد جدًا ولا فائدة من تجربته لأنه لا ينوي إلا وفعل ولا يُقدر إلا وقطع وسيستخدم معهم سياسة البطش كضرب السلمة أو ضرب غرائب الإبل (وهي الجمال التي تخرج من مجموعتها وتدخل في مجموعة أخرى وهذه الجمال لا تخرج إلا بالضرب الشديد) ثم يؤكد لهم انه لا تنفع معهم إلا سياسة الشدة والبطش فهم كأهل مكة التي كان الله تعالى يرزقهم، لكنهم كفروا وهكذا هو وضع أهل العراق كان الخليفة يعاملهم بالحسنى لكنهم لم يقدروا ذلك ولذلك سيصيبهم ما أصاب أهل مكة ثم يقول لهم قد أن هذا الذي أقوله مجرد كلام لكنني اقسم لكم إني ألحق أقوالي بالأفعال وإذا نويت قمت بما نويت وسأوزع عليكم
ما يلزمكم من رواتب المعركة ضد الخوارج وإذا تخلّف أحدكم سأقطع عنقه.

تحليل الخطبة:

تشمل الخطبة على المضامين التالية:

1- التعريف بنفسه:

إن أهل العراق اعتقدوا أن الحجاج بدوي لا دراية له في أمور السياسة والحكم لذلك استهتروا بقدومه خاصةً أنهم هزموا أقوى الجيوش لذا كان على الحجاج أن يعرفهم بنفسه ويؤكد لهم انه قادر على تخطي كل الصعاب وانه رجل لا يعرف قلبه الرحمة ويحب إراقة الدماء, ولذلك يجب عدم تجربته لان ذلك سيؤدي إلى حفظ الأرواح أما التجربة فستؤدي إلى الموت.

2- سياسة العنف:

بيّن الحجاج منذ البداية انه سيتبع معهم سياسة الدم واللحم وسيعاقبهم عقابا شديدا على أقل فعل وأنه إذا قال فعل وإذا خطط نفذ.

3- سبب اختياره:

يقول الحجاج إن الخليفة بحث عن أشد الناس وأكثرهم قسوة ليختاره وليًّا على العراق فلم يجد أقسى من الحجاج ولذلك اختاره بهذه المهمة لأن العراق شعب الضلال والكفر والفتن.

4- بيّن الحجاج لأهل العراق انه لا مفر من طاعته:

ولذلك عليهم محاربة الخوارج وكل من تخلّف تُضرب عنقه.
- إن الحجاج على الرغم من ظلمه وقسوته كان مطلعا وعالما في القران الكريم لذلك استخدم في النص آية قرآنية وذلك بهدف التشبيه بين أهل الكوفة الذين عاشوا في نعمة الأمير (الخليفة) لكنهم لم يقدروا هذه النعمة لذلك حذرهم الحجاج من أن عقابهم سيكون كعقاب الله سبحانه وتعالى كتلك القرية التي كفرت بنعمة الله.
أما الآية فهي " كأهل قرية .... بما كانوا يصنعون" - إن الله يمنح النعمة للإنسان فإذا قدّر وشكر زاده الله, أما إذا لم يقدّر وكفر عذبه الله.

- ظهر أمير المؤمنين في موضعين، وهما:
  • حين فتّش عن قائد لا يعرف الرحمة لكي يتمكن السيطرة على الثروة في الكوفة وأهمية هذا الذكر هو إظهار الحزم الذي سينتهجه الحجاج في معاملة أهل الكوفة.
  • ظهر في نهاية النص حين رغّب الناس في محاربة عدوه من خلال منح الرواتب والتجهيزات.