أسباب ظهور فن الموشحات وخصائص الموشح من خلال قصيدة جادك الغيث للسان الدين بن الخطيب



إنها قصيدة من  شعر  الموشحات، قالها ابن الخطيب بمدح الأمير الغني بالله حاكم غرناطة.

- الموشح في اللغة مأخوذ من الوشاح، والوشاح هو عبارة عن قطعة قماش مرّصعة بالجواهر، كانت تلبسها المرأة.

أما في الاصطلاح فهو عبارة عن شعر استنبط في الأندلس، ولم يكن معروفاً عن العرب من قبل، له مبناه  وأوزانه الخاصة فيه، جميع أغراضه الشعرية من مدح ووصف وغيره.

سمي شعر الموشح بهذا الاسم لأنه مزيّن بالصور البلاغية.
1- تبدأ فترة الوصال في الاندلس بين المحبوبين بِـ "جادك الغيث.. فينا عيون النرجس.
2- فترة الهجران "يا أُهَيْلَ.. نهبة المفترس.

أسباب ظهور فن الموشحات:
1- جمال الطبيعة في الاندلس ساعد على تفتح القرائح (العقول) وبالتالي ظهور الموشحات.

2- ظهور فن الغناء، فاستدعى ظهور نوع جديد من الشعر وهو الموشح الذي امتاز بالموسيقى المطربة والمعاني المزيّنة التي تتناسب مع الغناء.

3- وجود ظاهرة اجتماعية، فالعرب امتزجوا بغيرهم من القوميات، خاصة غير العربية، فكان لا بد من استحداث نوع جديد من الشعر بهدف تقليد الاعاجم.  

خصائص الموشح:
- كلمات الموشح سهلة وموسيقية، لذا كان من السهل تلحين الموشح غنائه بسبب نعومة ألفاظه، وتعدد قوافيه وأوزانه.

- الموشح خالص من سوقي الكلام (اللغة العاميّة) مزّين بالصور البديعية (جناس، طباق، استعارات، تشبيهات).

- تكون الخرجة (القفل الاخير) في الموشح باللغة العامّية إلا إذا كان غرض الموشح هو المدح فتكون باللغة الفصحى.
- توظيف عنصر التشخيص.

- يتكوّن الموشح من غصن وبيت، والبيت يكون من سِمط، والقفل الاخير في الموشح يسمى الخرجة، مبنى الموشح الداخلي:
- الغصن: وهو عبارة عن بيتين في الموشح (الأول والثاني).

- البيت: وهو عبارة عن خمسة أبيات شعرية، الأبيات الثلاث الأولى من الخمسة تسمى سمط، والبيتان الآخران يسميّان القفل.
- القافية الموحدة في الأقفال هي نفس القافية لأبيات الغصن.

- أبيات السمط لها قافية موّحدة في السمط الواحد، لكن هذه القافية تختلف عن باقي قوافي الأسماط الأخرى.

- يقسم الموشح لقسمين رئيسيين: الأول يتحدث عن فترة الوصال بين الأحبة، والثاني يتحدث عن فترة الهجران بين الأحبة.

ومن أشهر الموشحات ما نظمه ابن سهيل الإشبيلي:
هـل درى ظبي الحـمى أن قد حمى قلــب صــب حلــه عــن مكــنس
فـــهو فـي حـــر وخـــفــق مـثلمـــا لــعبت ريــح الصبـــا بــالقبـــس
***
يـــا بـــدورا أطلعـت يـــوم الـنوى غــرورا تسـلك فـي نــهج الغـرر
مــا لعـينــي وحـدها ذنب الهـــوى منكــم الحسن ومن عينــي النظـر
أجتنـــي بالـذات مــكـروه الجــوى والتـذاذي مــن حـبيبــي بــالفكـــر
وإذا أشــكـــوه وجــدى بــســمــــا كـالربــى والعــارض المنبجـــس
وإذ يقـيــم القطــر فيـهـــا مــأتمــا وهــي مـن بهجتهــــا فـــي عرس
***
مــن إذا أمـلـــى عـليـــه حرقـــى طـــارحتنــــي مــقلتـــاه الدنفــــا
تـركـــت ألحـــاظه مــن رمـقـــي أثــر النــمل علــى صم الصفـــا
وأنــــا أشـــكـــره فيمــــا بقـــــى لســــت ألحـــاه علـــى مــا أتلفـا
وهـــو عــندي عــادل إن ظـلمــا ونصـيحـــي نطقـه كـــالحــرس
لـــيس لي فـي الأمر حكم بعد مـا حـــل مـن نفســـي محـل النفـــس
***
غـــالب لـــي غــالب بـــالتـــؤده بأبـــي أفديــه مـن جـاف رقيـق
مـــا علمنـــا قــبل ثــغر نضـــده أقحوانــا عصــرت منه رحيــق
أخــــذت عينـــاه منــه العربـــده وفــؤادي سـكره مـــا إن يفيـــق
فـــاحم اللمــة معســــول اللمـــى ســاحر الغنـج شهــــي اللعــــس
وجــهه يتلــو الضحــى مبتسمـــا وهـو مـن إعراضــه فــي عبـس
***
أيهــا الســائل عن جرمي عليـــه لــي جــزاء الذنب وهو المذنـب
أخذت شمس الضحى من وجنتيه مشرقـا للـشمــس فـيــه مغــرب
ذهبــت دمعـــي أشـواقــي إلــيــه ولــه خــذ بلحـظـــي مــذهـــــب
يــنبـــت الورد بغســرسـي كلمـا لحـظتــه مقلتـــي فــي الخــلــس
ليــت شعــري أي شــيء حرمـا ذلـك الــورد علـــى المــغتــرس
***
أنــفدت دمعــي نــار بـي ضرام تــلتظــي فـي كــل حين ماتشــا
هــي فــي خـذيـه بــرد وســـلام وهــي ضر وحريـق في الحشا
أتـقــي منه علــى حــكم الغــرام أســــدا وردا وأهـــــواه رشـــا
قلــت لمــا أن تبــدي معــلـمــــا وهــو مــن ألحـــاظه في حرس
أيهــــا الآخـــذ قـلـبـي مغـنـمـــا اجـعــل الوصـل مكـان الخمـس