دراسة وشرح وتحليل قصيدة في المكتبة لإبراهيم طوقان



يعبر الشاعر عن مدى إعجابه بفتاة تدرس في المكتبة.
هي حسنة الخلق؛ هذا الجمال الظاهر كأنه جمال تتقنع به.. لشدة تألقها فهي تشبه نجمة الصباح.

جاءت إلى المكتبة لتحل وظيفة لمعلم، الأمر الذي جعل الشاعر يتابعها بدقة، مخفيا خطواته وحابسا أنفاسه ودقات قلبه خيفة أن تراه.

يقول الشاعر لقد راقبتها فعلمت أن الله قد أجزل عطاءه لتكون هذه الفتاة جميلة.
حمى الله تراب جسدها بين يديه، وسقاه من الجنة.

مكونات الفتاة حسب رأي الشاعر الثرى والنور والرحيق لذلك كانت ملاكا.
يتمنى الشاعر لو كانت أضلاعه كالكتاب الذي كانت تمسك به وتقرأ به.

يشير الشاعر إلى ما يعيب هذه الفتاة من اعوجاج أو كسر في مقدمة أسنانها وهو ما يؤثر بالضرورة على عدم سلامة نطق الحروف؛  الشاعر لا يرى في ذلك عيبا أو نقصا أو ضعفا فيها أو ما يقلل من جمالها، بل على العكس هي تكسب حرف السين صدى جميلا.

راح الشاعر يقسم بقلبه الذي لاحظت الفتاة تقلبه.
يختلف سجود القلب عن سجود الاآخرين حسب رأي الشاعر، حيث أن القلب صلى للجمال (الجبار) وهو معذب بيد الجبار وخفقانه متتابع ليلا ونهارا حتى يزور المكتبة ليرى فتاته الحلوة.

يقسم الشاعر مرة أخرى، لكن هذه المرة بعينيها وكل قواها السحرية الخفية على انه ما يبغي أكثر من حديث يخرج من فمها العطر؛ لان طيب فمها انما يعطر الحديث الذي يتمناه، كما يتمنى الشاعر رؤية سنها الضاحك وهذه السعادة التي يرجها.

الخصائص الأسلوبية:
1- التنويع في استخدام الضمائر (أبصرتها، جلست)
2- أسلوب التصريع.
3- كثرة استخدام الأفعال الماضية، لأن هذا ما يلائم أسلوب السرد القصصي، مثل: (أبصرتها، دنوت).
4- القافية الساكنة.
5- اللغة الفصيحة، مثل: (غريزة، غيهبة، مثلومة).
6- أسلوب القسم، وهذا يظهر: وأما وقلب.
7- الكناية، مثل: مختوم الرحيق.
8- التأثر باللغة الدينية، مثل الساجدين والفردوس.

قصيدة في المكتبة لإبراهيم طوقان كاملة:
وغريرة في المكتبَهْ
بجماِلها متنقِّبَهْ
أبصرتُها عند الصباحِ ال
غضِّ تشبه كوكْبَهْ
جلستْ لتقرأ أو لتك
تبَ ما المعلمُ رتَّبَه
فدنوْتُ أُسْترِقُ الخطى
حتَّى جلستُ بمقرُبَه
وحبستُ حتى لا أُرى
أنفاسيَ المتلهّبه
ونهيتُ قلبي عن خفو
قٍ فاضحٍ فتجنَّبه
راقبتُها فشهدتُ أن
نَ الله أْجزَلَ في الهبةَ
حملَ الثَّرى منها على
نورِ اليدْين وَقَلَّبَه
وسقاه في الفردوس مخ
تومَ الرحيق وركَّبَه
فإذا بها مَلَكٌ تنز
زَلَ للقلوبِ المتعَبَه
يا ليتَ حظَّ كتابها
لضلوعيَ المتعذِّبَه
حَضَنَتْهُ تقرأُ ما حوى
وحَنَتْ عليه وما انتبه
فإذا انتهى وجه ونا
لَ ذكاؤها ما استوعبَه
سَمحَتْ لأنْمُلِها الجمي
لِ بِريقِها كْي تَقلِبه
وسمعتُ وهْيَ تُغمغمُ ال
كلماتِ نَجْوى مُطربَه
ورأيتُ في الفمِ بدَعةً
خلاَّبةً مستعذبه
إحدى الثنايا النِّيرا
تِ بَدَتْ وليس لها شَبه
مثلومةً من طرفِها
لا تَحسَبنْها مَثلَبَه
هيَ لو علمتَ من المحا
سنِ عند أرفع مرتبه
هي مصدّرُ السِّيناتِ تُك
سِبُها صدىً ما أعذبه
وأمَا وقَلبٍ قد رأتْ
في السَّاجدين تَقَلُّبَهْ
صَلَّى لجبَّارِ الجمالِ
ولا يزالُ مُعذِّبَه
خَفقانُه متواصلٌ
والليلُ ينشرُ غيهبه
متعذِّبٌ بنهارِهِ
حتى يزورَ المكتبهْ
أما وعينِكِ والقُوى الس
سِحريَّةِ المتحجبِّهْ
ما رُمْتُ أكثر من حدي
ثٍ طيبُ ثغركِ طَيبَّه
وأرومُ سِنَّكِ ضاحكاً
حتَّى يلوحَ وأرْقُبَه