دراسة وشرح وتحليل مقالـة ثقافة ومثقفون لطه حسين.. الفرق بين مسؤولية المثقف ومسؤولية العالم



من هو العالم ومن هو المثقف على رأي طه حسين وما هي واجبات كل منهما اضرب مثلا لكل منهما؟


من هو العالم؟

- العالم هو الذي يتعمق في لون من العلم حتى يحسنه ويأخذ منه بأعظم حظ ممكن ويسعى إلى التقدم فيه ما وجد إلى ذلك سبيلا.

مثال ذلك رجل أنهى مراحل التعليم الثلاث ثم دخل الجامعة وتعلم الحقوق وحصل على أعلى الشهادات في الحقوق وعمل في مجال تعلمه مثل محامي أو قاضي أو مدعي عام وحاول أن يتقدم في هذا المجال من خلال الاطلاع على كل ما يكتب ويعلم في الجامعات في مجال الحقوق.

فهذا الرجل حسن الحظ من العلم وواجبه أن ينفع الناس بعلمه سواء كان معلما أحيانا أو عاملا في الحياة اليومية وعليه أن يؤدي واجبه بأمانة وإخلاص فإذا كان كذلك فقد بلغ الغاية وبالنسبة إلى العالم يقسمه طه حسين إلى قسمين هناك محدود التعلم وواسع التعلم فالذي تعلم في الجامعة الحقوق ولم يحاول أن يزيد معلوماته في هذا المجال من خلال الدوران أو ما يؤلف من كتب أو ما يكتب عن الموضوع الذي تعلمه فهو محدود ضيق التعلم وأما واسع التعلم فهو الذي يواكب ما يطرأ من جديد في الموضوع الذي تعلمه.

فمثلا الطبيب الذي تعلم الطب في الجامعة وافتتح عيادة لم يكتفي بذلك وإنما أخذ يواكب كل جديد في موضوع الطب من دورات ومن اشتراك في المجلات الطبية فهذا واسع التعلم.

من هو المثقف؟

أما المثقف فهو الذي لم يكتفي بالموضوع الذي تخصص به في الجامعة مثلا الطب حيث تعلم في الجامعة الطب وكذلك اهتم بموضوع آخر غير الطب كالأدب مثلا الدكتور إبراهيم ناجي فهو شاعر وطبيب وشهرته في الشعر طغت شهرته في الطب فهو واسع الثقافة، بينما محدود الثقافة هو الذي برع في مجال واحد حتى لو حصل على أعلى الدرجات وعلى الشهرة الواسعة فهو عالم ومحدود الثقافة فالأدباء القدامى مثل الجاحظ يعتبرون مثقفين فكل كتاب من كتب الجاحظ يعتبر دائرة معارف في عصره حتى ولو لم يتعلم في الجامعات لعدم وجودها في عصره.

واجبات المثقف اعقد واشد تنوعا من مسؤولية العالم:

فالمثقف محتاج غير الأمانة والإخلاص إلى أن يفهم حياة الناس من حوله ويعرف موضع حاجته إلى الانتفاع بثقافته.

فعلى المثقف أن يعيش بين الناس وان يفهم حياتهم ويتعمق في نظمهم الاجتماعية والسياسية لكي يستطيع أن يفيدهم فإذا تعمق بالظروف التي تحيط بحياة الناس من حوله فعليه أن يضع ثقافته موضع الحاجة إليها ولكي يشعر الناس بأنه نافع لهم حقا يعلمهم ما لم يعلموا ويدلهم من سبل الرقي على ما لم يهتدوا إليه.

ما الفرق بين مسؤولية المثقف ومسؤولية العالم وكيف يصبح المثقف نافعا لمجتمعه في نظر طه حسين؟

- الفرق هو أن العالم مهمته محصورة في مجال تخصصه، وواجبه أن ينفع الناس بعلمه فإذا قام بدوره بإخلاص فقد بلغ الغاية، ولا يستطيع أحد أن يوجه إليه النقد أو اللوم، أما المثقف فهو في حاجة ماسة لفهم حياة الناس وواقعهم، وذلك لكي يحدد ويعرف موضع حاجتهم إليه، وبذلك يستطيع أن ينفعهم بثقافته، وان لم يفعل ذلك كان غريبا في قومه، وقد يعتبر ثرثارا حين يحدث لان حديثه قد لا يلامس احتياجات المجتمع والناس.

في أي المجالات تنعكس الأثرة (الأنانية) وما هو موقف طه حسين من الأثرة؟

- الأثرة هي موجودة في كثير من الأشياء في المال حيث أن الغني يجمع المال إلى المال ويصبح ثريا وقد زادت ثروته من هذا المال وأدركه مرض البخل فيزداد حرصه على المال كلما ازداد حظه منه فهؤلاء الناس أشبه بما وصفهم القرآن الكريم بالذين يكنزون الذهب والفضة ولا يفيدون بها الناس.

وتكون الأثرة في العلم أو الأثرة في الثقافة فيجب العلم لنفسه وبفقد صفة الإنسانية فهو يدرس ويتعلم ويزيد من علمه لنفسه فقط فلا يحاول أن يفيد الناس بعلمه أو بثقافته ولا يسير عليهم حياتهم فهو أشبه بمصباح الكهرباء الذي فقد قوة الإضاءة ومهما سلطن على هذا المصباح من قوة كهربائية فلن يضيء.

وموقف طه حسين ضد هؤلاء الناس الذين لا يفيدون مجتمعهم ولا أمتهم ولا الإنسانية بما عندهم من مال أو علم أو ثقافة فهم أشبه بالحمار الذي يحمل أصفارا (كتب).

بين أسلوب طه حسين في كتابته ولا سيما ما قيل عن الإسهاب والتكرار الناتجين عن فقدانه بصره؟

أسلوب طه حسين كلام منغوم (فيه نغمة) متموج كأنه يسبح في بحر هادئ تهب عليه ريح رخاء (هادي) يعتمد على جمال الإيقاع وعلى الإطالة والتكرار وعرض المعنى الواحد في صور مختلفة وتوزيع الألحان الرنية المتناسقة على جميع ما يكتب من أوله إلى آخره لفقدانه بصره فهو يستمع إلى الكلمات في مخيلته ولم يراها فمثلا كرر لنا وأطال في شرحه عن التعلم والمثقف مسؤولية كل منهما في صور مختلفة.

أسلوب طه حسين:

كلامه فيه نغم وعذب لصوته إذا قرأت له فقره فانك تحب الإطالة والتكرار وعرض المعنى الواحد في صور مختلفة ولعل ذلك بسبب كونه ضريرا يملي ما يفكر به إملاء فهو يداور المعنى حتى يلم بأطرافه وانه يستمع إلى الكلمات في مخيلته ولا يراها لذا فهو يوزع الألحان بتناسق وروعة وطه حسين متأثرا بأسلوب الجاحظ وابن المقفع اللذين يتعمدان جمال الأسلوب ونصاعة البيان.